الْمُشْرِكِينَ (٣١) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ) ؛ أي زايلوا دينهم الذي أمروا بالثبات عليه.
ومن قرأ (فَرَّقُوا دِينَهُمْ) فمعناه : صاروا فرقا ، وذلك معنى قوله : (وَكانُوا شِيَعاً) ، أي صاروا جماعة ، (كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) (٣٢) ، أي كلّ جماعة اختارت دينا مثل اليهود والنّصارى وسائر الملل ، كلّ أهل دين يفرحون بما عندهم من الدّين.
قوله تعالى : (وَإِذا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ ؛) أي إذا أصاب الناس شدّة وبليّة وقحط وغلاء يعني كفّار مكّة ، دعوا ربّهم لدفع الشّدة ، (مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ؛) أي راجعين إليه ، منقطعين من الخلق ، لا يلجأون في شدائدهم إلى أوثانهم ، (ثُمَّ إِذا ؛) أذهب عنهم تلك الشدّة و (أَذاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً ؛) أي أعطاهم من عنده المطر ، (إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ) (٣٣) ؛ أي يعودون إلى الشّرك (لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ ؛) فيبدّلوا الشّكر كفرا ، (فَتَمَتَّعُوا ؛) أي تلذذوا في الدّنيا ، (فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) (٣٤) ، ماذا ينزل بكم.
قوله تعالى : (أَمْ أَنْزَلْنا عَلَيْهِمْ سُلْطاناً) ، أي أم أنزلنا على هؤلاء حجّة وبرهانا وكتابا من السّماء ، (فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِما كانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ) (٣٥) ، يشهد وينطق بأنّ الله أمرهم بما يفعلون. وهنا استفهام إنكار ؛ أي ليس الأمر على هذا.
قوله تعالى : (وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِها ؛) أي إذا أذقناهم نعمة استبشروا بها ، (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ ؛) شدّة ومحنة وبليّة ، (بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ؛) في الشّرك من المعاصي (إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ) (٣٦) ؛ أي إذا هم ييأسون من رحمة الله.
قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ ؛) أي ويضيّق ، (إِنَّ فِي ذلِكَ ؛) أي في البسط والتّقتير ، (لَآياتٍ ؛) دالّة على التوحيد ، (لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (٣٧).