قوله تعالى : (فَانْظُرْ إِلى آثارِ رَحْمَتِ اللهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها) ، الخطاب للنبيّ صلىاللهعليهوسلم وغيره. وآثار الرحمة هي أنواع النّبات الذي ينبت من المطر من بين أخضر وأحمر وغير ذلك من الألوان.
وقوله (كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها) ، كيف يجعل الأرض مخضرّة بعد يبسها ، (إِنَّ ذلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتى) ، أي الذي فعل ذلك هو الذي يحيي الموتى للنّشور ، فإنه كما يعيد الشجر الذي ظهر يبسه ، ويعيد فيه الخضرة والنور والثمرة ، كذلك يحيي الموتى ، (وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (٥٠) ؛ من الموت والبعث قدير.
قوله تعالى : (وَلَئِنْ أَرْسَلْنا رِيحاً فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا) ، ولئن أرسلنا ريحا حارّة أو باردة فأيبست زروعهم ، ورأوا الزرع مصفرّا بعد خضرته ، (لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ) (٥١) ، لصاروا بعد اصفرار النّبت يجحدون ما سلف من النعمة ، يعني أنّهم يفرحون عند الخصب ، وإذا استبطأوا الخصب والرزق جزعوا فكفروا بالنّعم.
قوله تعالى : (فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى ؛) يعني الكفار لا يسمع ، والأعمال الذي لا يبصرون ، ولذلك قال : (وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (٥٢) وَما أَنْتَ بِهادِ الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ ؛) أي لا تقدر أن تجبرهم على الهدى ، وإنّما بعثت داعيا ومبلّغا. قوله تعالى : (إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا ؛) أي إلّا من يصدّق بكتابنا ، (فَهُمْ مُسْلِمُونَ) (٥٣) ؛ أي هم الذين يستبدلون به فهم مخلصون منقادون لأمر الله.
قوله تعالى : (اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ؛) أي من نطفة ضعيفة في بطون الأمّهات ، ثم أطفالا لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرّا ، (ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً) ، ثم جعلكم أقوياء بما أعطاكم من العقل والاستطاعة والهداية والتصرّف في اختلاف المنافع ودفع المضارّ ، (ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ؛) قوّة الشّباب ، (ضَعْفاً ؛) عند الكبر والهرم ، (وَشَيْبَةً يَخْلُقُ ما يَشاءُ ؛) من ضعف وقوة وشيبة وشباب ، (وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ) (٥٤) ؛ أي العليم بخلقه القادر على تحويلهم من حال إلى حال.