وكتب بها كلمات الله وحكمه ، لانكسرت الأقلام ، وأعيت الإنس والجنّ ، وفنيت البحار قبل أن ينقطع كلام الله وحكمه ، (إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (٢٧) ؛ أي عزيز في سلطانه ذو حكمة في قوله وأفعاله.
وذهب بعضهم إلى أنّ معنى (كَلِماتُ اللهِ) تعالى في هذه الآية : معاني القرآن وفوائده ، وقال بعضهم : وهي نعم الله في الدّنيا والآخرة ، وإن نعمه في الآخرة غير متناهية.
قوله تعالى : (ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ ؛) قال مقاتل : (قالت كفّار قريش : إنّ الله خلقنا أطوارا نطفة ثمّ علقة ثمّ مضغة ثمّ لحما ، فكيف يبعثنا خلقا جديدا في ساعة واحدة؟ فأنزل الله تعالى (ما خَلْقُكُمْ) «أيها الناس على الله سبحانه» (١) في القدرة إلّا كخلق نفس واحدة ، وبعث نفس واحدة ، (وَلا بَعْثُكُمْ) في قدرة الله على بعث الخلق كلّهم (إِلَّا) كقدرته على بعث نفس واحدة ، (إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ ؛) لما قالوا من أمر الخلق والبعث ، (بَصِيرٌ) (٢٨) ؛ به (٢).
قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ ؛) أي ألم تعلم أنّ الله يزيد من ساعات اللّيل في ساعات النهار صيفا ، ويزيد في ساعات النّهار في ساعات الليل شتاء ، (وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ؛) أي ذلّلهما لمنافع بني آدم يجريان إلى يوم القيامة ، ثم يسقطان ، وينقطع جريهما ، (وَأَنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) (٢٩) ؛ أي خبير بأعمالكم في الدّنيا ويجازيكم عليها.
قوله تعالى : (ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ ؛) أو لتعلموا أنّ عبادة الله حقّ ، (وَأَنَّ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ ؛) من عباده ، (الْباطِلُ وَأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَلِيُّ ؛) بصفاته ، (الْكَبِيرُ) (٣٠) ؛ الذي لا شيء مثله في كبريائه وعظمته.
__________________
(١) ما بين «» سقط من المخطوط.
(٢) قاله مقاتل في التفسير : ج ٣ ص ٢٣.