ما شعرت إلّا أنّهما في رجليّ. فعرفوا يومئذ أنّه لو كان له قلبان ما نسي نعله في يده) (١).
وقال الزهريّ ومقاتل : (هو مثل ضربه الله للمظاهر امرأته والمتبنّي ولد غيره ، يقول : فكما لا يكون للرّجل قلبان ، لا تكون امرأة المظاهر أمّه حتّى لا يكون له أمّان ، ولا يكون ولد ابن رجلين) (٢).
قوله تعالى : (وَما جَعَلَ أَزْواجَكُمُ اللَّائِي تُظاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهاتِكُمْ ؛) أي ما جعل نساءكم اللّائي تقولون لهن : أنتنّ علينا كظهور أمّهاتنا ، لم نجعلهن كأمّهاتكم في الحرمة. وكانت العرب تطلّق نساءها في الجاهلية بهذا اللفظ ، فلما جاء الإسلام نهوا عنه ، وأوجبت الكفارة في سورة المجادلة.
قوله تعالى : (وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ ؛) أي ما جعل من تدّعونه ابنا من أبناء غيركم كأبنائكم الذين من أصلابكم في الانتساب والحرمة والحكم ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد تبنّى زيد بن حارثة بعد أن أعتقه ، فكان يقال : زيد بن محمّد ، فلمّا جاء الإسلام أمر أن تلحق الأدعياء بآبائهم ، وكان يوم تبنّاه رسول الله صلىاللهعليهوسلم قبل الوحي (٣).
قرأ نافع وأبو عمرو (وتظّهّرون) بفتح التاء وتشديد الظّاء والهاء من غير ألف ، وقرأ الشّاميّ كذلك إلّا أنّه بألف ، وقرأ حمزة والكسائي مثل قراءة شامي إلّا أنه بالتخفيف ، وقرأ عاصم والحسن بضمّ التاء وتخفيف الظّاء وبألف وكسر الهاء ، قال أبو عمرو : (وهذا منكر ؛ لأنّ التّظاهر من التّعاون) (٤).
__________________
(١) ذكره مقاتل في التفسير : ج ٣ ص ٣٤. والواحدي في أسباب النزول : ص ٢٣٦ ـ ٢٣٧. والبغوي في معالم التنزيل : ص ١٠٢٢. والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن : ج ١٤ ص ١١٦.
(٢) ذكره مقاتل بمعناه في التفسير : ج ٣ ص ٣٤.
(٣) ذكره الواحدي في أسباب النزول : ص ٢٣٧.
(٤) ينظر : الحجة للقراءات السبعة : ج ٣ ص ٢٨٠.