قوله تعالى : (ذلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْواهِكُمْ ؛) أي الذي تقولونه من إضافة القلبين إلى الرجل الواحد ، وقول الرجل لامرأته : أنت عليّ كظهر أمّي ، وقول الرجل لغير ابنه : هذا ابني ، قوله : تقولون بأفواهكم من غير أن يكون له حقيقة ولا عليه دلالة ولا حجّة ، (وَاللهُ ؛) تعالى ، (يَقُولُ الْحَقَّ ؛) أي يبيّن أنّ الذين يقولونه قول باطل ، (وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ) (٤) ؛ أي يدلّ على طريق وإلى الدّين المستقيم.
قوله تعالى : (ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ ؛) أي نسّبوا هؤلاء الأدعياء إلى الآباء الذين قد ولدوا على فراشهم وقولوا : زيد بن حارثة ، ولا تقولوا : زيد بن محمّد. وقوله تعالى : (هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ ؛) أي أعدل في حكم الله من نسبتكم إياهم إلى الذين تبنّوهم. وعن ابن عمر رضي الله عنه أنه كان يقول : (ما كنّا ندعوا زيد بن حارثة إلّا زيد بن محمّد حتّى نزل قوله تعالى : (ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ)(١).
قوله تعالى : (فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آباءَهُمْ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ ؛) فهم إخوانكم في الدّين ؛ أي من أسلم منهم ، (وَمَوالِيكُمْ ؛) أي وبنو أعمامكم ، فقولوا : يا أخي ويا ابن عمّي. في الآية إباحة إطلاق اسم الأخوّة وحظر اطلاق اسم الأبوّة ، وفي ذلك دليل على أن من قال لعبده : هذا أخي ؛ لم يعتق لأنه يحتمل الأخوّة في الدّين ، وإن قال : هذا ابني ؛ عتق لأن ذلك ممنوع في غير النّسب.
قوله تعالى : (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ ؛) أي ليس عليكم إثم في نسبة الرجل إلى غير أبيه على وجه الخطأ. قال قتادة : (ولو دعوت رجلا
__________________
(١) في الدر المنثور : ج ٦ ص ٥٦٢ ؛ قال السيوطي : (أخرجه ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في سننه عن ابن عمر) وذكره. وأخرجه البخاري في الصحيح : كتاب التفسير : الحديث (٤٧٨٢). ومسلم في الصحيح : الحديث (٦٢ / ٢٤٢٥). وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير : ج ١٢ ص ٢٣٠ : الحديث (١٣١٧٠).