لغير أبيه وأنت تحسب أنّه أبوه لم يكن عليك بأس) (١) ، (وَلكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ ؛) أي ولكن الإثم عليكم فيما تعمّدونه من ادعائهم إلى غير آبائهم ، (وَكانَ اللهُ غَفُوراً ؛) أي لمن تعمّد ثم تاب ، (رَحِيماً) (٥) ؛ به بعد التوبة.
قوله تعالى : (وَلكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ) موضع قوله (فِيما) خفض عطفا على قوله (فِيما أَخْطَأْتُمْ) تقديره : ولكن فيما تعمّدت قلوبكم.
قوله تعالى : (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ؛) أي هو أشفق وأبرّ وأحقّ بالمؤمنين من بعضهم ببعض ، وهو أولى بكلّ إنسان منه بنفسه. وقيل : معناه : إذا حكم فيهم بشيء نفذ حكمه فيهم ، ووجبت طاعته عليهم.
وقال ابن عبّاس : (إذا دعاهم النّبيّ صلىاللهعليهوسلم إلى شيء ، ودعتهم أنفسهم إلى شيء ، كانت طاعة النّبيّ صلىاللهعليهوسلم أولى بهم من طاعة أنفسهم) (٢). وقال مقاتل : (معناه طاعته النّبيّ صلىاللهعليهوسلم أولى بهم من طاعة بعضهم لبعض) (٣).
وقالت الحكماء : النبيّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم لأنفسهم ، تدعوهم إلى ما فيه هلاكهم ، والنبيّ صلىاللهعليهوسلم يدعوهم إلى ما فيه نجاتهم. وقال أبو بكر الورّاق : (لأنّ النّبيّ صلىاللهعليهوسلم يدعوهم إلى العقل ، وأنفسهم تدعوهم إلى الهوى). وقال بسّام بن عبد الله (٤) : (لأنّ أنفسهم تحرس من نار الدّنيا ، والنّبيّ صلىاللهعليهوسلم يحرسهم من نار الآخرة).
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢١٥٩١). وابن أبي حاتم في التفسير الكبير : الأثر (١٧٥٨٢).
(٢) ذكره البغوي في معالم التنزيل : ص ١٠٢٣.
(٣) قاله مقاتل في التفسير : ج ٣ ص ٣٥٠.
(٤) بسام بن عبد الله الصيرفي ، أبو الحسن الكوفي. روى عن زيد بن علي بن الحسين وأخيه أبي جعفر الباقر ، وجعفر الصادق وعطاء وعكرمة وغيرهم. وروى عنه ابن المبارك ووكيع وأبو نعيم وغيرهم. ينظر : تهذيب التهذيب : الرقم (٧٠٦) : ج ١ ص ٤٥٤.