فبينا هي كذلك إذ هاتف يهتف باسمها : أين فلانة. قالت : هي أنا والله. قالت عائشة : فقلت لها : ويلك وما تلك؟ قالت : طلبت لأقتل ، قلت : ولم؟ قالت : حدثا أحدثته ، قالت : فانطلق بها فضرب عنقها. قالت عائشة : ما أنسى عجبا منها ، طيب نفس وكثرة ضحك ، وقد علمت أنّها تقتل) (١). قال الواقديّ : (واسم تلك المرأة نباتة) (٢) امرأة الحكم القرظيّ ، وكانت قتلت خلّاد بن سويد ، رمت عليه رحى فقتله ، فقتلها رسول الله صلىاللهعليهوسلم بخلّاد بن سويد.
وعن الزهريّ رضي الله عنه قال : (كان رجل من قريظة يقال له الزّبير بن باطا ويكنّى أبا عبد الرّحمن ، مرّ يوما على ثابت بن قيس بن ثابت بن شمّاس في الجاهليّة يوم بغاث ، أخذه وحزّ ناصيته ثمّ خلّى سبيله. فجاء ثابت بن قيس يوم بني قريظة فوجده قد صار شيخا كبيرا ، فقال له ثابت : يا زبير هل تعرفني؟ قال : نعم ؛ وهل يجهل مثلي مثلك؟ قال : فإنّي أريد أن أجازيك بما لك عندي من اليد ، قال : افعل ، فإنّ الكريم يجزي الكريم.
قال ثابت : فأتيت النّبيّ صلىاللهعليهوسلم فقلت : يا رسول الله ؛ قد كان للزّبير عندي يد وصنيعة وله عليّ منّة وقد أحببت أن أجزيه ، فهب لي دمه ، فقال صلىاللهعليهوسلم : [هو لك] فأتاه ، فقال له : يا شيخ ؛ إنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد وهب لي دمك. فقال : إنّي شيخ كبير ، فإن ذهب أهلي وأولادي فما أصنع بالحياة؟ قال ثابت : فأتيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فسألته أهله وولده ، فقال : [هم لك] فقلت : يا شيخ ؛ قد وهب لي رسول الله امرأتك وأولادك. فقال : يا ثابت ؛ كيف يكون أهل بيت بالحجاز لا مال لهم ، فما بقاؤهم على ذلك؟ قال : فأتيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فسألته ماله ، فقال : [هو لك] فأعلمته بذلك.
فقال لي : يا ثابت ؛ ما فعل الّذي وجهه مرآة مضيئة كعب بن أسد؟ قلت : قتل ، قال : فما فعل سيّد الحاضر والبادي حييّ بن أخطب؟ قلت : قتل ، قال : فما فعل
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الحديث (٢١٦٩٢).
(٢) ذكره الواقدي في كتاب المغازي : غزوة بني قريظة : ج ٢ ص ١٨.