مقدّمنا إذا شددنا وحامينا إذا كررنا غزال بن شموال؟ قلت : قتل. قال : فما فعل ببني كعب بن قريظة وبني عمرو بن قريظة؟ قلت : قتلوا كلّهم.
قال : فإنّي أسألك يا ثابت بما بيني وبينك من الصّنيعة واليد إلّا ما ألحقتني بالقوم ، فو الله ما لي في العيش بعد هؤلاء من خير ، فما أنا بصائر حتّى ألقى الأحبّة. فضرب ثابت عنقه) (١). فلمّا بلغ أبا بكر الصّدّيق رضي الله عنه قوله : ألقى الأحبّة ، قال : تلقاهم والله في نار جهنّم خالدا فيها أبدا (٢).
قوله تعالى : (وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ ؛) أي ألقى في قلوبهم الخوف ، (فَرِيقاً تَقْتُلُونَ ؛) يعني المقاتلة ، (وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً) (٢٦) ؛ يعني الذراري ، (وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيارَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ ؛) يعني عقارهم ونخيلهم ومنازلهم وأموالهم من الذهب والفضّة والحليّ والعبيد والإماء ، (وَأَرْضاً لَمْ تَطَؤُها ؛) يعني أرض بني النّضير ، وقيل : أرض خيبر.
والمعنى : سيفتح الله لكم أرضا لم تطأوها الآن بأقدامكم يعني خيبر ، ففتحها الله عليهم بعد بني قريظة. وقال الحسن : (هي فارس والرّوم) (٣) ، وقال قتادة : (هي مكّة) (٤). قوله تعالى : (وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً) (٢٧) ؛ فيه بيان أنّ الله قادر على إظهار الإسلام بغير القتال ، وإنّما أمر المؤمنين بالقتال ليعرضهم لجزيل الثواب.
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلاً) (٢٨) ؛ قال المفسّرون : كان بعض أزواج النبيّ صلىاللهعليهوسلم سألنه شيئا من عرض الدّنيا وآذينه بزيادة النّفقة ، فهجرهنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم وآلى منهنّ شهرا أن لا يقربهن ولم يخرج إلى أصحابه للصّلوات.
__________________
(١) القصة بكاملها ذكرها الواقدي في كتاب المغازي : ج ٢ ص ٢٠ ـ ٢١.
(٢) ذكره الواقدي في كتاب المغازي : ج ٢ ص ٢١ ، بلفظ : (قال أبو بكر وهو يسمع قوله : ويحك يا ابن باطا ، إنه ليس إفراغ دلو ، ولكنه عذاب أبدي).
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢١٧٠٠).
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير الكبير : الأثر (١٧٦٥٠).