وقوله تعالى (وَثُلاثَ وَرُباعَ) في موضع خفض ؛ لأنه لا يتصرّف. وقوله تعالى : (إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (١) ؛ أي قادر على ما يزيد على الزيادة والنّقصان.
قوله تعالى : (ما يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها ؛) أي ما يرسل الله إلى الناس من رسول فلا مانع له ، وذلك لأن إرسال الرسول من الله تعالى رحمة لعباده كما قال تعالى : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ)(١).
وقيل : أراد بالرحمة هاهنا المطر والرزق والعافية وجميع النّعم ، ما يفتح الله من ذلك فلا مانع له ، ولا يستطيع أحد من الخلق حبسه ولا إمساكه ، وقوله تعالى : (وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ ؛) أي وما يمسك الله من ذلك فلا يقدر أحد على إرساله ، (وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (٢) ؛ أي العزيز فيما أمسك ، الحكيم فيما أرسل.
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ ؛) يعني أهل مكّة اذكروا نعمة الله عليكم إذ أسكنكم الحرم ومنعكم من الغارات ، (هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللهِ ؛) هذا استفهام ، ومعناه التوبيخ ؛ أي لا خالق سواه. وقوله تعالى : (يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ ؛) أي من السّماء بإنزال المطر ومن الأرض بإخراج النبات ، (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) (٣) ؛ أي فأنّى تصرفون عن الإله الذي هذه صفته إلى معبود لا يقدر على شيء.
قوله تعالى : (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ) ؛ في هذه الآية تسلية للنبيّ صلىاللهعليهوسلم لئلّا يجزع على تكذيب قومه ، ويصبر كما صبر على تكذيب الأمم الرسل ، (وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ ؛) عواقب (الْأُمُورُ) (٤) ؛ في مجازاة المكذّبين ونصرة المسلمين.
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ) ؛ معناه إن الذي وعده الله المجازاة والبعث بعد الموت حقّ كائن ، (فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا) ؛ بزينتها
__________________
(١) الأنبياء / ١٧٠.