وزهرتها حتى تشتغلوا بها عن أمر دينكم ، (وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ) (٥) ؛ أي ولا يستزلّكم عن طاعة الله الشيطان الذي من عادته الغرور. وقرأ ابن سماك العدويّ : (الغرور) بضمّ الغين ، وهو أباطيل الدنيا ، وأما (الْغَرُورُ) بفتح الغين فيه ، الشّيطان.
قوله تعالى : (إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا ؛) أي احترزوا (١) من كيده ، ولا تقبلوا منه وتطيعوه ، (إِنَّما يَدْعُوا حِزْبَهُ ؛) أي أهل طاعته ليكون معه ، (لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحابِ السَّعِيرِ) (٦) ؛ أي ليسوقهم إلى النار ، (الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ) (٧).
قوله تعالى : (أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً ؛) نزلن في أبي جهل ومشركي مكّة. وقيل : نزلت في أصحاب الأهواء والملل التي خالفت الهدى ، والمعنى : أفمن زيّن له سوء عمله فرآه حسنا كمن هداه الله ، ويدلّ على هذا المحذوف قوله تعالى : (فَإِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ.)
قوله : (فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ ؛) أي لا تغتمّ ، ولا تهلك نفسك عليهم حسرات على تركهم الإسلام ، (إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما يَصْنَعُونَ) (٨) ؛ في كفرهم فيجازيهم بما هو أولى بهم ، قرأ أبو جعفر (فلا تذهب) بضم التاء وكسر الهاء ، نصب السّين.
قوله تعالى : (وَاللهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً ؛) معناه : الله الذي أرسل الرياح لإثارة السّحاب ، (فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ) ، فأجريناه الى بلد ميت ليس فيه نبات ولا شجر ، (فَأَحْيَيْنا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها) ، فأحيا «الله» (٢) بالمطر الأرض بإخراج الزّرع والأشجار منها بعد يبسها وذهاب النبات منها ، (كَذلِكَ النُّشُورُ) (٩) ؛ كذلك البعث في القيامة.
__________________
(١) في المخطوط : (احترز).
(٢) ما بين «» ليس في المخطوط.