وهذا احتجاج على منكري البعث ، فإن موتهم كموت الأرض ، وذهاب أثرهم كذهاب أثر الأشجار والزّروع ، والقادر على إخراج الأشجار والزّروع من الأرض قادر على إخراج الموتى من الأرض.
ومعنى الآية : (وَاللهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً) أي تزعجه من حيث هو (فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ) أي مكان ليس فيه نبات (فَأَحْيَيْنا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها) أي أنبتنا فيها الزرع والكلأ بعد أن لم يكن ، (كَذلِكَ النُّشُورُ) أي الإحياء والبعث.
وعن أبي رزين العقيليّ قال : (قلت : يا رسول الله كيف يحيي الله الموتى؟ [أو ما مررت بوادي قومك ممحّلا ثمّ مررت به خضرا؟] قلت : بلى ، قال : [فكذلك يحيي الله الموتى] وقال : [كذلك النّشور]) (١).
قوله تعالى : (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً ؛) أي من كان يطلب العزّة بعبادة الأصنام فليطلبها بطاعة الله تعالى وطاعة رسوله صلىاللهعليهوسلم ، العزيز من أعزّه الله. وذلك أنّ الكفار كانوا يعبدون الأصنام طمعا في العزّة كما قال الله تعالى : (وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا)(٢). أو قيل : معناه : من كان يريد أن يعلم العزّة لمن هي فليعلم أنّها لله تعالى.
قوله تعالى : (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ) ؛ إلى الله تصعد كلمة التوحيد وهو قوله لا إله إلّا الله ، ومعنى (إِلَيْهِ يَصْعَدُ) أي يعلم ذلك كما يقال : ارتفع الأمر إلى القاضي والسّلطان أي علمه. وقيل : صعود الكلم الطيّب أن يرفع ذلك مكتوبا أو مقبولا إلى حيث لا مالك إلّا الله ؛ أي إلى سمائه يصعد الكلم الطيّب.
قوله تعالى : (وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) ؛ قال الحسن : (معناه : ذو العمل الصّالح يرفع الكلم الطّيّب إلى الله تعالى بعرض القول على الفعل ، فإن وافق القول الفعل قبل ، وإن خالف ردّ ، لأنّ العبد إذا وحّد الله وأخلص في عمله ارتفع العمل
__________________
(١) أخرجه الإمام أحمد في المسند : ج ١ ص ١١ و١٢. وابن أبي حاتم في التفسير الكبير : الحديث (١٧٩٣٦). والطبراني في الكبير : باب ٢ : الحديث (٢٨١) ورجاله موثقون.
(٢) مريم / ٨١.