من الصّالحين) (١). وقال الزجّاج : (معناه : تفرّدوا عن المؤمنين) (٢). ومعنى الآية : أنه يقال للمجرمين : تميّزوا عن المؤمنين ، وذلك أنّ الخلق كلّهم يحشرون مختلطين.
قوله تعالى : (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ ؛) أي ألم آمركم وأوص إليكم ، وقال الزجّاج : (معناه : ألم أقدم لكم على ألسنة الرّسل يا بني آدم أن لا تعبدوا الشّيطان ، أي لا تطيعوا الشّيطان ، ومن أطاع شيئا فقد عبده) (٣).
قوله تعالى : (إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) (٦٠) ؛ أي عدوّ ظاهر العداوة ، أخرج أبويكم من الجنّة ، (وَأَنِ اعْبُدُونِي ؛) أي أطيعوني ووحّدوني ، (هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) (٦١) ؛ أي طريق مستقيم قائم ، يعني دين الإسلام.
قوله تعالى : (وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيراً ؛) أي ولقد أضلّ الشيطان منكم أمما كثيرة ، وقيل : خلقا كثيرا.
قرأ عليّ رضي الله عنه (جبلا كثيرا) بسكون الباء مخفّفا ، وقرأ عاصم ونافع وأيوب : (جبلا) بكسر الجيم والباء وتشديد اللام. وقرأ يعقوب بضمّ الجيم والباء وتشديد اللام ، وقرأ ابن عامر وأبو عمرو : (جبلا) بضمّ الجيم وسكون الباء مخفّفا ، وقرأ الباقون بضمّ الجيم والباء وتخفيف اللام ، وكلّها لغات ، ومعناها الخلق والجماعة.
وقوله تعالى : (أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ) (٦٢) ؛ أي أفلم تعقلوا ما رأيتم من الأمم إذ أطاعوا إبليس وعصوا الرّسول فأهلكوا.
قوله تعالى : (هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) (٦٣) ؛ أي يقال لهم حين دنوا من النار : (هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) بها في الدّنيا. قوله تعالى :
__________________
(١) قاله مقاتل في التفسير : ج ٣ ص ٩٠.
(٢) قاله الزجاج في معاني القرآن وإعرابه : ج ٤ ص ٢٢٠ ، ولفظه : (انفردوا).
(٣) في معاني القرآن وإعرابه : ج ٤ ص ٢٢٠ ؛ قال الزجاج : (ومعناه : ألم أتقدم إليكم بعهد الإيمان وترك عبادة الشيطان).