(اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ) (٦٤) ؛ أي إلزموها اليوم بكفركم ، وقاسوا حرّها ، وقوله تعالى (الْيَوْمَ) يعني يوم القيامة.
وقوله تعالى : (الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ ؛) وذلك أنّهم ينكرون الشّرك فيقولون : والله ربنا ما كنّا مشركين ، فيختم الله على أفواههم ، (وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ ؛) وتكلّمت جوارحهم فشهدت عليهم بما عملوا ، وقوله تعالى : (وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) (٦٥) ؛ قال عقبة بن عامر : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : [أوّل عظم ينطق من الإنسان فخذه من رجله الشّمال](١). وروي عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : [أوّل ما تكلّم من الإنسان فخذه وكفّه](٢).
وقوله تعالى : (وَلَوْ نَشاءُ لَطَمَسْنا عَلى أَعْيُنِهِمْ ؛) أي ولو نشاء ذهبنا أعينهم وجعلناها بحيث لا يبدو لها شقّا ولا جفنا ، والمعنى : ولو نشاء لأعميناهم في أسواقهم ومجالسهم بتكذيبهم إيّاك يا محمّد كما فعلنا بقوم لوط حين راودوه عن ضيفه. وقوله تعالى : (فَاسْتَبَقُوا الصِّراطَ ؛) فغلبوا السّبق وتبادروا إلى الطريق إلى منازلهم ، (فَأَنَّى يُبْصِرُونَ) (٦٦) ؛ لو فعلنا ذلك بهم.
وقوله تعالى : (وَلَوْ نَشاءُ لَمَسَخْناهُمْ عَلى مَكانَتِهِمْ ؛) أي في منازلهم فصيّرناهم قردة وخنازير وحجارة ليس فيها روح ، (فَمَا اسْتَطاعُوا مُضِيًّا وَلا يَرْجِعُونَ) (٦٧) ؛ أي لا يقدرون على ذهاب ومجيء ، والمسخ في اللغة نهاية التبديل.
قوله : (وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ ؛) أي ومن نطوّل عمره في الدّنيا نرده إلى الحالة الأولى من الضّعف ، قال الزجّاج : (معناه : من أطلنا عمره نكّسنا خلقه ،
__________________
(١) رواه الإمام أحمد في المسند : ج ٤ ص ١٥١. وابن أبي حاتم في التفسير الكبير : ج ١٠ ص ٣١٩٨. وفي مجمع الزوائد : ج ١٠ ص ٣٥١ ؛ قال الهيثمي : (رواه أحمد والطبراني وإسنادهما جيد).
(٢) رواه الطبراني في كتاب الأوائل : ص ٧٩. والإمام أحمد في المسند : ج ٥ ص ٣. وفي مجمع الزوائد : ج ١٠ ص ٣٥١ ؛ قال الهيثمي : (رجاله ثقات). وفي المخطوط تحريف ، قال : [وكتفه] والصحيح ما أثبتناه.