فصار بدل القوّة ضعفا ، وبدل الشّباب هرما) (١)(أَفَلا يَعْقِلُونَ) (٦٨) ؛ أن القادر على ردّ البشر من حالة القوّة والكمال ؛ أي حال الضّعف وزوال العقل ، قادر على إعادة الخلق بعد الموت.
ومن قرأ (تعقلون) بالتاء فهو على مخاطبة الكفار. قرأ عاصم وحمزة والأعمش : (نُنَكِّسْهُ) بالتشديد ، وقرأ غيرهم بالتخفيف وفتح النون.
قوله تعالى : (وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ ؛) إن كفار مكّة قالوا للنّبيّ صلىاللهعليهوسلم : إنه شاعر ، وإنّ القرآن شعر ، فأكذبهم الله بقوله تعالى (وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ) أي وما يتسهلّ له ذلك ، وما كان يتّزن له بيت شعر جرى على لسانه منكرا.
قال الحكيم : (كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يتمثّل بقول العبّاس بن مرداس :
أتجعل نهبي ونهب العب |
|
د بين الأقرع وعيينة |
قالوا : يا رسول الله صلىاللهعليهوسلم إنّما هو بين عيينة والأقرع ، فقام إليه أبو بكر وقبّل رأسه وقال : صدق الله (وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ)(٢).
وعن الحسن رضي الله عنه : أنّ النّبيّ صلىاللهعليهوسلم كان يتمثّل بهذا البيت : [كفى بالإسلام والشّيب للمرء ناهيا] فقال أبو بكر : يا رسول الله صلىاللهعليهوسلم إنّما قال الشّاعر (كفى الشّيب والإسلام للمرء ناهيا) (٣) فقال عمر رضي الله عنه : (وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ.)
__________________
(١) قاله الزجاج في معاني القرآن وإعرابه : ج ٤ ص ٢٢١.
(٢) في الدر المنثور : ج ٧ ص ٧١ ؛ قال السيوطي : (أخرجه ابن سعد عن عبد الرحمن بن أبي الزناد). والبيت للعباس بن مرداس :
فأصبح نهبي ونهب العب ـ |
|
يد بين عيينة والأقرع |
(٣) للشاعر سحيم ، وهو عبد حبشي
عميرة ودّع إن تجهّزت غاديا |
|
كفى الشّيب والإسلام للمرء ناهيا |