مضرّة للجسد؟ فدلّوه على عمل النّورة ، وكانت النّورة والحمّامات من يومئذ ، فاتّخذوا لها النّورة والحمّام ، وتزوّجها سليمان عليهالسلام ، فلما تزوّجها أحبّها حبّا شديدا ، وأقرّها على ملكها ، وأمر الجنّ بأن يبنوا لها بأرض اليمن ثلاثة حصون لم ير مثلها حسنا وارتفاعا ؛ وهي : سيلحين وسون وغمدان ، ثم كان سليمان يزورها في كلّ شهر مرّة بعد أن ردّها إلى ملكها ، ويقيم عندها ثلاثة أيّام ، وولدت له أولادا في ما ذكر.
وروي أنّ رجلا جاء إلى عبد الله بن عتبة وسأله : هل تزوّج سليمان بلقيس؟ فقال : (عهدي بها أن قالت : وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين) (١) يعني أنه لا يعلم ذلك.
قوله تعالى : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ ؛) يعني بأن اعبدوا الله وحده ، فآمن به فريق وكفر به فريق ، فجعل الفريقان يختصمون كما قال تعالى في سورة الأعراف (قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ.)(٢) وقوله تعالى : (فَإِذا هُمْ فَرِيقانِ يَخْتَصِمُونَ) (٤٥) ؛ أي فإذا هم مؤمن وكافر ، مصدّق ومكذّب ، يختصمون في الدّين ، كل فريق منهم يقول : الحقّ معي.
وقوله تعالى : (قالَ يا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ ؛) فيه ضمير تقديره : إنّ المؤمنين أوعدوا الكافرين على كفرهم وتكذيبهم ، فاستعجل الكافرون العذاب ، فقال صالح عليهالسلام للكافرين المكذّبين : (لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ) أي بالعذاب قبل الرّحمة ، ولا تستعجلون الثّواب الموعود على الإيمان. قوله تعالى : (لَوْ لا تَسْتَغْفِرُونَ اللهَ ؛) أي هلّا تستغفرون الله عن كفركم وتكذيبكم ، (لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (٤٦) ؛ أي فلا تعذبون في الدّنيا.
قوله تعالى : (قالُوا اطَّيَّرْنا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ ؛) أي تشاء منا بك وبمن معك بما لحقنا من نقصان الزّرع والثمار والمياه. والتّطيّر : هو التّشاؤم ، وأصله : تطيّرنا بك
__________________
(١) أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير الكبير : الأثر (١٦٤٤٩).
(٢) الأعراف / ٧٥.