وبمن معك ، وذلك أنه قحط المطر عنهم وجاعوا فقالوا : أصابنا هذا البلاء والضرّ من شؤمك وشؤم أصحابك.
وإنّما ذكر التطيّر بلفظ التّشائم على عادة العرب في نسبتهم الشّؤم إلى ما يأتي من الطّير ناحية اليد الشّؤمى وهي اليسرى ، ويسمّون الطّير الذي يأتي من ناحية اليد اليسرى البارح ، وأما الطّير الذي يأتي من ناحية اليد اليمنى فهو السّانح.
قوله تعالى : (قالَ طائِرُكُمْ عِنْدَ اللهِ ؛) أي قال لهم صالح عليهالسلام ردّا عليهم : (طائِرُكُمْ عِنْدَ اللهِ) أي الشّؤم أتاكم من عند الله بكفركم ، وهذا الذي أصابكم من الجدب والخصب عند الله مكتوب عليكم ، لازم لكم في أعناقكم وليس ذلك إليّ ولا علمه عندي ، وهذا كقوله (يَطَّيَّرُوا بِمُوسى وَمَنْ مَعَهُ أَلا إِنَّما طائِرُهُمْ عِنْدَ اللهِ.)
قوله تعالى : (بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ) (٤٧) ؛ أي تخسرون في الدّنيا باختلاف الأحوال من الخير والشرّ. وقيل : معناه : بل أنتم قوم تعذبون بذنوبكم. وقيل : تمتحنون بإرسالي إليكم لتثابوا على متابعتي ، وتعاقبوا على مخالفتي. وقيل : بمعنى (تُفْتَنُونَ) أي تعاقبون كما في قوله تعالى : (ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ)(١) أي عقوبتكم.
قوله تعالى : (وَكانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ) (٤٨) ؛ معناه : كان في مدينة صالح عليهالسلام وهي الحجر تسعة رهط من الفسّاق من أبناء رؤسائهم وهم غواة قوم صالح يفسدون في الأرض بالمعاصي ولا يصلحون ولا يطيعون الله ، ولا (٢) يأتمرون بالصّلاح ، وأسماؤهم قدار بن سالف ؛ ومصدع ؛ وأسلم ؛ ودهم ؛ وذهيم ؛ وذعما ؛ ودغيم ؛ وقتّال ؛ وضرّاب (٣).
__________________
(١) الذاريات / ١٤.
(٢) (لا) سقطت من المخطوط.
(٣) في الجامع لأحكام القرآن : ج ١٣ ص ٢١٥ ـ ٢١٦ بعد ذكر أسمائهم واختلاف الروايات ؛ قال القرطبي : (وذلك لا ينضبط برواية ، غير أني أذكره على وجه الاجتهاد والتخمين). وفي التفسير الكبير : الأثر (١٦٤٦٦) أخرج ابن أبي حاتم بإسناده عن ابن عباس قال : [كانت أساميهم : رعمي ، ورعيم ، وداد ، وصواب ، ورياب ، ومسطع ، وقدار بن سالف عاقر الناقة.]