القصّارون لدقّ الثياب عليها.
ثم ذكر الله عزوجل : (أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) ، ما هو أعظم خلقا من الإنسان فقال : (بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ ؛) معناه : إن الذي قدر على خلق السّموات والأرض في عظمهما وعجائبهما يقدر على إعادة خلق البشر ؛ لأن خلق السّموات والأرض وما فيهما أبلغ في القدرة من إحياء الموتى ، أفليس القادر عليهما قادر على الإعادة؟ (بَلى وَهُوَ الْخَلَّاقُ) ، يخلق خلقا بعد خلق ، (الْعَلِيمُ) (٨١) ، بجميع ما خلق.
قوله تعالى : (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (٨٢) ؛ معناه : إنما أمره إذا أراد شيئا من البعث وغيره أن يقول له : كن بغير واسطة. فإن قيل :لم لا ينصب قوله تعالى (فَيَكُونُ) على جواب الأمر كما يقال : آتني فأكرمك ، قلنا :ذاك مستقبل مستحبّ ، الثاني : بوجوب الأدنى ، وهذا كائن مع إرادة الله تعالى ، فالفعل واجب.
قوله تعالى : (فَسُبْحانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ ؛) نزّه الله تعالى أن يوصف بغير القدرة ؛ أي تنزيها للّذي له القدرة على كلّ شيء من أن يوصف بغير القدرة ، (و (مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ) أي ملك كلّ شيء ، والقدرة على كلّ شيء ، (وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (٨٣) ؛ في الآخرة بعد الموت فيجزيكم بأعمالكم.
آخر تفسير سورة (يس) والحمد لله رب العالمين.
__________________
ـ والعفار ، وهي زنادة العرب ، ومنه قولهم : في كلّ شجرة نار واستمجد المرخ والعفار ، فالعفار الزّند وهو الأعلى ، والمرخ الزّندة وهي الأسفل ، ويؤخذ منهما غصنان مثل السّواكين يقطران ماء ، فيحك بعضهما إلى بعض فتخرج منهما النار).