والخطف : أخذ الشيء بسرعة. قوله تعالى : (فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ) أي نجم وهّاج متوقّد مضيء.
قوله تعالى : (فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمْ مَنْ خَلَقْنا ؛) قبلهم من الأمم الماضية ، كانت الأمم الماضية أشدّ منهم قوّة وآثارا في الأرض ، فأهلكناهم بكفرهم وتكذيبهم ، فكيف يأمن هؤلاء الهلاك مع إصرارهم على الكفر وهم أضعف ممّن قبلهم.
ثم ذكر خلق الإنسان فقال : (إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ) (١١) ؛ أي خلقنا أصلهم وهو أبو البشر آدم من طين لازب لاصق ثابت ، يقال : له ضربة لازب ، وضربة لازم ، وإذا خلق أصلهم من طين لازم فكيف لا يقرّون بقدرة الله تعالى على البعث.
قوله تعالى : (بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ) (١٢) ؛ أي بل عجبت يا محمّد من إنكارهم للبعث مع ظهور ما وجب من الحجّة والأدلة ، ويقال : بل عجب من جهلهم حيث اختاروا ما تجب به النار لهم وتركوا ما يجب لهم به الجنّة ، وهم يسخرون من بعثتك ، ويستهزئون بكلامك بالقرآن.
وقرأ حمزة والكسائي وخلف بضمّ التاء ، وهي قراءة ابن مسعود على معنى أنّهم قد حلّوا محلّ من تعجّب منهم ، وقال الحسن بن الفضل : (العجب من الله على خلاف العجب من الآدميّين ، وإنّما معنى العجب ههنا هو الإنكار والتّعظيم ، وقد جاء الخبر : [أنّ الله ليعجب من الشّاب ليست له صبوة](١)) (٢).
وقيل : إن الجنيد سئل عن هذه الآية فقال : (الله لا يعجب من شيء ولكنّ الله وافق رسوله لمّا عجب رسوله فقال : (وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ)(٣) أي هو كما
__________________
(١) الصّبوة : ميل إلى الهوى.
(٢) أخرجه الإمام أحمد في المسند : ج ٤ ص ١٥١. وفي مجمع الزوائد : ج ١٠ ص ٢٧٠ ؛ قال الهيثمي :
(رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني ، وإسناده حسن). وأخرجه ابن عدي في الكامل : ج ٥ ص ٢٤٣ ؛ وقال : (هذا حديث لا أعلم يرويه غير ابن لهيعة).
(٣) الرعد / ٥.