فيها ، وقرأ حمزة وحفص (بِزِينَةٍ) بالتنوين وخفض (الْكَواكِبِ) على البدل ؛ أي بزينة بالكواكب ، وقرأ الباقون بالإضافة (١).
قوله تعالى : (وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ) (٧) ؛ أي جعل الكواكب حفظا من كلّ شيطان متجرّد للشرّ ، يقذفون بها إذا استرقوا السمع ، والمارد : الخبيث الخالي من الخير ، والمارد : هو المتمرّد ، قال الحسن : (وهذا دليل أنّه إنّما يرجم بالكواكب بعض الشّياطين وهم المردة).
قوله تعالى : (لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى ؛) كأنّه قال : (لا يسمعون) أي لا يسمع مردة الشياطين إلى الملائكة ولا إلى كلامهم ، قال الكلبيّ : (معنى الآية : لكيلا يسمعوا إلى الكتبة من الملائكة). والملأ الأعلى : هم الملائكة ؛ لأنّهم في السّماء ، قرأ أهل الكوفة (يَسَّمَّعُونَ) بالتشديد أي يسمعون.
وقوله تعالى : (وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جانِبٍ) (٨) ؛ أي يرمون من كلّ جانب بالشّهب ، يعني أنّ الشياطين يرمون بالشّهب عند دنوّهم من السّماء لاستماع كلام الملائكة في تدبّر أمور الدّنيا ، يرمون بالشّهب من نواحي السّماء وأطرافها.
وقوله تعالى : (دُحُوراً وَلَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ) (٩) ؛ أي طردا وإبعادا ، يقال : دحره دحرا ودحورا ؛ إذا طرده وأبعده ، ولهم مع ذلك في الآخرة عذاب واصب أي دائم لا ينقطع ، وقيل : معنى الواصب الموجع ، من الوصب وهو الوجع ، وقيل : الوجع. معنى الآية : أنّهم يدحرون ويبعدون عن تلك المجالس التي يسترقون السمع (وَلَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ) أي دائم إلى النفخة الأولى.
قوله تعالى : (إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ ؛) أي إلّا من اختلس الكلمة من كلام الملائكة مسارقة ، (فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ) (١٠) ؛ أي لحقه وأصابه نار مضيئة تحرقه ، والثاقب : النّيّر المضيء ، وهذا قوله إلّا من استرق السمع مختلسا.
__________________
(١) ينظر : إعراب القرآن للنحاس : ج ٣ ص ٢٧٨ ؛ قال : (وهي المعروفة من قراءة عاصم). وفي معالم التنزيل : ص ١٠٨٧ ؛ قال البغوي : (قرأ عاصم ، برواية أبي بكر) وذكرها.