قوله تعالى : (ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ) (٦٨) ؛ معناه : إن مرجعهم بعد شرب الجحيم وأكل الزقوم الى الجحيم ، وذلك أنّهم يوردون الحميم من شربه وهو خارج من الجحيم كما تورد الإبل الماء ، ثم يردّون إلى الجحيم ، فيتجرّعونه ويصبّ على رؤوسهم ، ومرّة يردّون إلى النار الموقدة ، وهذا عذابهم أبدا. وعن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : [أيّها النّاس اتّقوا الله ولا تموتنّ إلّا وأنتم مسلمون ، فلو أنّ قطرة قطرت من الزّقوم من الأرض لأمرّت على أهل الدّنيا معيشتهم ، فكيف بمن هو طعامه ليس لهم طعام غيره](١).
قوله تعالى : (إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آباءَهُمْ ضالِّينَ) (٦٩) ؛ معناه : إنّهم وجدوا آباءهم في الدّنيا ضالّين عن الحقّ والدّين ، ف ، كانوا ، (فَهُمْ عَلى آثارِهِمْ يُهْرَعُونَ) (٧٠) ؛ أي يمضوا مسرعين كأنّهم يزعجون من الإسراع الى اتّباع آبائهم ، يقال : هرع وأهرع إذا أسرع.
قوله تعالى : (وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ) (٧١) ؛ أي ولقد ضلّ قبل هؤلاء المشركين أكثر الأوّلين من الأمم الخالية ، كما ضلّ قومك ، (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا فِيهِمْ مُنْذِرِينَ) (٧٢) ؛ أي رسلا ينذرونهم العذاب ؛ أي يخوّفونهم بالعذاب على ترك الإيمان ، (فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ) (٧٣) ؛ الذي أنذروا فكذبوا الرسل ، كيف أهلكهم الله تعالى ، وقوله تعالى : (إِلَّا عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ) (٧٤) ؛ يعني إلّا عباد الله الموحّدين الذين لم يكذّبوا ، فإنّهم نجو من العذاب ولم يهلكوا.
قوله تعالى : (وَلَقَدْ نادانا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ) (٧٥) ؛ أي ولقد دعانا نوح على قومه بالإهلاك حين يئس من إيمانهم ، وأذن له في الدّعاء ، وقال (أَنِّي
__________________
(١) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير : ج ١١ : الحديث (١١٠٦٨). والترمذي في الجامع : أبواب صفة جهنم : الحديث (٢٥٨٥). وابن ماجة في السنن : كتاب الزهد : الحديث (٤٣٢٥). والإمام أحمد في المسند : ج ١ ص ٣٠٠. وابن حبان في الإحسان : كتاب إخباره صلىاللهعليهوسلم عن مناقب الصحابة : الحديث (٧٤٧٠).