مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ)(١) ، وقال (رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً)(٢) ، وقوله (فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ) أي نعم المجيبون فأجبناه وأهلكنا قومه الكافرين ، (وَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ ؛) ومن آمن به ، (مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ) (٧٦) ؛ وهو الغرق.
قوله تعالى : (وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ ؛) وذلك من كان معه من المؤمنين في السّفينة انقرضوا من غير عقب ، وكان نسل نوح عليهالسلام من أولاده الثلاثة : سام وحام ويافث ، فأما سام فأبو العرب وفارس والرّوم ، وحام أبو الحبش وجميع السّودان والسّند والهند والبربر ، ويافث أبو التّرك ويأجوج ومأجوج وما هنالك من باقي الناس (٣). قال ابن عبّاس : (لمّا خرج نوح عليهالسلام من السّفينة مات من معه من الرّجال والنّساء إلّا ولده الثّلاثة ونساءهم) (٤) فذلك قوله تعالى : (هُمُ الْباقِينَ) (٧٧).
وقوله تعالى : (وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ) (٧٨) ؛ أي تركنا على نوح الذّكر الجميل في الباقين بعده ، وذلك الذكر قوله تعالى : (سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ) (٧٩) ؛ أي يصلّى عليه إلى يوم القيامة ، قال الزجّاج : (معنى قوله تعالى : (وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ) أي وأبقيناه ذكرا حسنا وثناء جميلا فيمن بعده إلى يوم القيامة) (٥) (إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) (٨٠) ؛ أي كما جزينا نوحا وأنعمنا عليه ، فكذلك نجزي المحسنين في القول والعمل ، (إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ) (٨١) ؛ وقيل : (معناه : تركنا على نوح في الآخرين أن يصلّى عليه إلى يوم القيامة) (٦) ، (ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ) (٨٢).
__________________
(١) القمر / ١٠.
(٢) نوح / ٢٦.
(٣) أصله كما في الدر المنثور : ج ٧ ص ٩٩ حديث سمرة رضي الله عنه ، قال السيوطي : (أخرجه ابن سعد وأحمد والترمذي وحسّنه ، وأبو يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه) وحديث أبي هريرة ، قال السيوطي : (أخرجه البزار وابن أبي حاتم والخطيب في تالي التلخيص).
(٤) ذكره البغوي في معالم التنزيل : ص ١٠٩١. والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن : ج ١٥ ص ٨٩. وابن عادل في اللباب : ج ١٦ ص ٣١٩.
(٥) ينظر : معاني القرآن وإعرابه للزجاج : ج ٤ ص ٢٣٢.
(٦) قاله الزجاج في معاني القرآن وإعرابه : ج ٤ ص ٢٣٢.