قوله تعالى : (وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ) (٨٣) ؛ معناه : وإنّ من أهل ملّة نوح عليهالسلام والمتمسّكين بدينه لإبراهيم ، (إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) (٨٤) ؛ أي إذ أقبل إلى طاعة ربه بقلب سليم من الكفر والمعاصي ومن كلّ عيب. والشّيعة : هي الجماعة التّابعة لذي رأي لهم (١).
قوله تعالى : (إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ما ذا تَعْبُدُونَ) (٨٥) ؛ هذا إنكار من إبراهيم على قوله ، كالرجل ينظر غيره على قبيح من الأمر ، فيقول له : ما هذا الذي تفعل؟
قوله تعالى : (أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللهِ تُرِيدُونَ) (٨٦) ؛ معناه : أأتّخذ آلهة تريدون عبادتها على وجه الكذب. وقيل : معناه : أتأفكون إفكا هو أسوأ الكذب ، وتعبدون آلهة سوى الله ، (فَما ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ) (٨٧) ؛ إذا لقيتموه وقد عبدتّم غيره ، أي فما ظنّكم أنه يصنع بكم.
قوله تعالى : (فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ (٨٨) فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ) (٨٩) ؛ قال بعضهم : إنّما نظر إلى النّجوم نظر تدبّر واعتبار ، وليستدلّ بها على وقت الحمّى كانت تأتيه ، فلما عرف بذلك وقت حماه قال إنّي سقيم ؛ أي جاء وقت سقمي ومرضي.
ويقال : أوهمهم بهذا القول أن به مرضا فتركوه ، وكان يريد بهذا القول في نفسه : إنّي سقيم القلب بما أرى من أحوالكم القبيحة في عبادة غير الله ، وذلك أنه أراد أن يكايدهم في أصنامهم ليلزمهم الحجّة في أنّها غير معبودة ، وكان لهم عيد يخرجون إليه ، فكلّفوه الخروج معهم إلى عيدهم ؛ فنظر في النّجوم يريهم أنه مستدلّ بها على حاله ، فقال : إنّي سقيم ، (فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ) (٩٠) ؛ فتركوه وذهبوا إلى عيدهم.
__________________
(١) في الكليات : ص ٥٢٣ ؛ قال الكفوي : (كل قوم أمرهم واحد يتبع بعضهم رأي بعض فهم شيع ، وغالب ما يستعمل في الذم).