حلبتي النّاقة ؛ لأن اللّبن رجوعه إلى الضّرع بين الحلبتين. والمعنى : ما ينظر هؤلاء إلّا صيحة واحدة ما لها من رجوع. وقيل : يردّد لك الصوت فيكون له رجوع (١).
قوله تعالى : (وَقالُوا رَبَّنا عَجِّلْ لَنا قِطَّنا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسابِ) (١٦) ؛ أي قاله المشركون عجّل لنا صحيفتنا قبل الحساب حتى نعلم ما فيها ، قال الكلبيّ : (لمّا نزل في الحاقّة : (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ) و (أَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ) قالوا على جهة الاستهزاء : ربّنا عجّل لنا قطّنا في الدّنيا ، فقيل : يوم الحساب أعجل لنا كتابنا ، قالوا ذلك تكذيبا واستهزاء) (٢).
والقطّ : الصّحيفة التي أحصت كلّ شيء. وقيل : القطّ : النّصيب ، وسميت كتب الجوائز قطوطا لأنّهم كانوا يكتبون الأنصباء من العطايا في الصّحائف ، يقال : أخذ فلان قطّه ؛ إذا أخذ كتابه الذي كتب له بجائزته وصلته.
وقال ابن عبّاس : (معنى قوله (قِطَّنا) أي حظّنا من العذاب والعقوبة) (٣). قال قتادة : (نصيبنا من العذاب) (٤). قال مجاهد : (عقوبتنا) (٥). وقال عطاء : (هو يقوله النّضر بن الحارث : اللهمّ إن كان هذا هو الحقّ من عندك فأمطر علينا حجارة من السّماء أو اءتنا بعذاب أليم) (٦).
قوله تعالى : (اصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ ؛) اصبر يا محمّد على ما يقولون من تكذيبك وعلى قولهم إنّك ساحر وشاعر ومجنون وكاهن ، وانتظر ما وعدك الله من
__________________
(١) الفواق والفواق : اسمان من الإفاقة. ومعنى الإفاقة الرجوع والسكون كما في إفاقة المريض ، إلا أن الفواق بالفتح يجوز أن يقام مقام المصدر ، والفواق اسم لذلك الزمان الذي يعود فيه اللبن. والفيقة بالكسر اسم اللبن الذي يجتمع بين الحلبتين. ينظر : الجامع لأحكام القرآن : ج ١٥ ص ١٥٦. واللباب في علوم الكتاب : ج ١٦ ص ٣٨٧.
(٢) ذكره البغوي في معالم التنزيل : ص ١١٠٦.
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٢٨٧٥).
(٤) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٢٨٧٧).
(٥) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٢٨٧٦).
(٦) ذكره البغوي في معالم التنزيل : ص ١١٠٦. وفي الدر المنثور : ج ٧ ص ١٤٨ ؛ قال السيوطي : (أخرجه عبد بن حميد).