ظلمة البطن وظلمة الرحم وظلمة المشيمة (١). وقيل : ظلمة الأصلاب وظلمة الأرحام وظلمة البطون. وقوله تعالى : (ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ ؛) الدائم الذي لا يزول ، ولا خالق غيره ، (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ) (٦) ؛ بعد هذا البيان والبرهان.
قوله تعالى : (إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ ؛) أي إن تكفروا يا أهل مكّة بنعم الله ، فإنّ الله غنيّ عنكم ، لم يأمركم بالإيمان من حاجة له إليكم لا لجلب منفعة ولا لدفع مضرّة ، وإنما آمركم به لنفعكم ، (وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ ؛) أي لا يرضى لأوليائه وأهل طاعته الكفر. وقيل : معناه : ولا يرضى لعباده المخلصين الذي قال «فيهم» (٢)(إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ)(٣) فألزمهم شهادة لا إله إلّا الله وحبّبها إليهم.
وقال السديّ : (ولا يرضى لعباده المؤمنين أن يكفروا) ، وهذه طريقة من قال بالتخصيص في هذه الآية ومن أجراها على العموم فمعناه : لا يرضى الكفر لأحد ، وكفر الكافر غير مرض ، وإن كان بإرادة ، فالله تعالى مقدّر الكفر غير راض به لأنه «ما» يمدحه (٤) ولا يثني عليه ، قال قتادة : (ما رضي الله لعبد ضلالة ولا أمره بها ولا دعاه إليها ، ولكن قدّره عليه) (٥).
قوله تعالى : (وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ ؛) معناه : وإن تشكروا ما أنعم عليكم من التوحيد يرض ذلك الشكر لكم ويثيبكم عليه ، (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ؛) أي لا تؤخذ نفس وزرا بذنب أخرى ، (ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ ؛)
__________________
(١) قاله الطبري في جامع البيان : مج ١٢ ج ٣ ص ٢٣٣ ، وعزاه إلى عكرمة وابن عباس ومجاهد وقتادة والسدي وابن زيد والضحاك.
(٢) ما بين «» ليس في المخطوط.
(٣) الاسراء / ٦٥.
(٤) (ما) سقطت من المخطوط ، والسياق يقتضي ذكرها.
(٥) في الدر المنثور : ج ٧ ص ٢١٣ ؛ قال السيوطي : (أخرجه عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه قال :
(والله ...) وذكره).