في الآخرة ، (فَيُنَبِّئُكُمْ) ، فيجزيكم ، (بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) ، في الدّنيا ، (إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) (٧) ، بعزائم القلوب.
قوله تعالى : (وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ ؛) إذا أصاب الكافر شدّة في عيشه أو بلاء في جسده دعا ربّه راجعا إليه بقلبه ، قال عطاء : (يريد عتبة بن ربيعة) (١) ، وقال مقاتل : (يعني أبا حذيفة بن المغيرة) (٢).
وقوله : (ثُمَّ إِذا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ ؛) أي ثم إذا أعطاه نعمة منه ؛ أي أغناه وأنعم عليه بالصحّة ، (نَسِيَ ما كانَ يَدْعُوا إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ ؛) أي نسي الضرّ الذي كان يدعو الله إلى كشفه ، (وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْداداً ؛) أي رجع إلى عبادة الأوثان ، (لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ ؛) أي ليزلّ عن دين الإسلام ، ويضلّ الناس ، (قُلْ ؛) يا محمّد لهذا الكافر : (تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً ؛) في الدّنيا إلى أجلك ، لفظه لفظ الأمر ومعناه التهديد والوعيد ، (إِنَّكَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ) (٨) ؛ في الآخرة فما ينفع التمتّع القليل من الدنيا.
قوله تعالى : (أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ ؛) معناه : هذا خير أيّها الكافر أم من هو قانت؟ وقيل : معناه : أمّن هو قانت كمن جعل لله أندادا. وقيل : معناه : أهذا الخير أم من هو قانت لله؟. والقانت : هو المواظب على طاعة الله تعالى ، القائم بما يجب عليه لأمر الله. و (آناءَ اللَّيْلِ) ساعاته.
وقوله : (ساجِداً وَقائِماً) نصب على الحال ؛ أي تارة ساجدا وتارة قائما ، يفعل ذلك حذرا من العذاب وطمعا في الثواب. وقرأ نافع وابن كثير : (أمن) بالتخفيف ؛ لأن ألف الاستفهام دخلت على (من) هو استفهام إنكار ، والمعنى : أمن هو قانت
__________________
(١) في معالم التنزيل : ص ١١٢٢ ؛ قال البغوي : (نزلت في عتبة بن ربيعة) ونقل قول مقاتل ثم قال :
(وقيل : عامّ في كل كافر).
(٢) قاله مقاتل في التفسير : ج ٣ ص ١٢٨ ؛ قال : (يعني أبا حذيفة بن المغيرة بن عبد الله المخزومي).