قرأ نافع (والّذين تدعون) بالتاء ، وقرأ الباقون بالياء (١) ، (إِنَّ اللهَ هُوَ السَّمِيعُ ؛) لمقالتهم ، (الْبَصِيرُ) (٢٠) ؛ بهم وأعمالهم.
قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ كانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثاراً فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ وَما كانَ لَهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ واقٍ (٢١) ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقابِ) (٢٢) ؛ الآية ظاهرة المعنى. وقوله تعالى : (وَما كانَ لَهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ واقٍ) أي ما كان لهم من عذاب الله من واق يقي العذاب عنهم.
وقوله تعالى : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا ؛) يعني الآيات التسع ، (وَسُلْطانٍ مُبِينٍ) (٢٣) ؛ أي حجّة ظاهرة ، (إِلى فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَقارُونَ فَقالُوا ساحِرٌ كَذَّابٌ) (٢٤) ؛ أي كثير الكذب ، وخصّ فرعون وهامان وقارون بالكذب ؛ لأنّهم كانوا هم المتبوعين ، وفي ذكر المتبوعين ذكر التابعين.
قوله تعالى : (فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنا قالُوا اقْتُلُوا أَبْناءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِساءَهُمْ ؛) أي استبقوا النساء للخدمة ، وذلك أنّ فرعون كان قد أخبر أنه يولد من بني إسرائيل مولود يذهب ملكه على يديه ، فأمر بقتل أبنائهم واستبقاء نسائهم ، فلمّا جاءهم موسى عليهالسلام بالحقّ ، أمر بإعادة ذلك القتل عليهم كيلا يبلغ الأبناء فيعينوه عليهم. قوله تعالى : (وَما كَيْدُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ) (٢٥) ؛ أي يذهب كيدهم باطلا ، ويحيق بهم ما كانوا يكيدون.
قوله تعالى : (وَقالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسى ؛) وذلك أنّ قوم فرعون قالوا له : أرجئه وأخاه ولا تقتلهما ، فإنّك إن قتلتهما قبل ظهور حجّتنا عليهما وقعت للناس الشّبهة في أنّهما كانا على الحقّ ، فقال فرعون : دعوني أقتل موسى ، (وَلْيَدْعُ رَبَّهُ ؛) حتى يدفع ذلك القتل عنه.
__________________
(١) في الحجة للقراء السبعة : ج ٣ ص ٣٤٦ ؛ قال أبو علي الفارسي : (اختلفوا في الياء والتاء من قوله عزوجل : (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ) فقرأ نافع وابن عامر : (والذين تدعون) بالتاء ، والقراء الباقون (يَدْعُونَ) بالياء ، وكلهم فتح الياء).