إيمانه من آل فرعون.
وقوله تعالى : (أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ) أي لأن يقول ربي الله ، وقد جاءكم بالبيّنات من ربكم بما يدلّ على صدقه من المعجزات ، (وَإِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ ؛) لا يضرّكم ذلك ، (وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ ؛) أي يصبكم كلّ الذي يعدكم من العذاب إن قتلتموه وهو صادق.
والمراد بالبعض الكلّ في هذه الآية ، وقال الليث : (بعض ههنا زائدة ؛ أي يصبكم الّذي يعدكم) ، وقال أهل المعاني : هذا على المظاهرة في الحجاج ، كأنه قال لهم : أقلّ ما يكون في صدقه أن يصبكم بعض الذي يعدكم وفي بعض ذلك هلاككم) (١) ، فذكر البعض ليوجب الكلّ ، ويدلّ على ذكر البعض بمعنى الكلّ ، قال لبيد :
ترّاك أمكنة إذا لم أرضها |
|
أو يعتلق (٢) بعض النّفوس حمامها (٣) |
أراد كلّ النّفوس ، ومثل قول الآخر (٤) :
قد يدرك المتأنّي بعض حاجته |
|
وقد يكون مع المستعجل الزّلل |
وقوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ) (٢٨) ؛ أي لا يهديه في الآخرة إلى جنّته وثوابه. والمسرف : هو المتجاوز عن الحدّ في المعصية.
قوله تعالى : (يا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ ؛) أي قال لهم الرجل المؤمن على وجه النّصيحة لهم : (يا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظاهِرِينَ) أي غالبين مستعلين في أرض مصر ، (فَمَنْ يَنْصُرُنا مِنْ بَأْسِ اللهِ إِنْ جاءَنا ؛) أي فمن يمنعنا من عذاب الله إن جاءنا ، (قالَ فِرْعَوْنُ ما أُرِيكُمْ إِلَّا ما أَرى ؛) أي ما
__________________
ـ الّذي أنذر موسى عليهالسلام) ، وقال ابن المنذر : (أخبرت أنّ اسمه حزقيل).
(١) قاله الزجاج في معاني القرآن وإعرابه : ج ٤ ص ٢٨١.
(٢) يروى : (يرتبط) بدل (يعتلق) كما في الجامع لأحكام القرآن : ج ١٥ ص ٣٠٧.
(٣) لبيد العامري (؟ ـ ٤١ ه) ، شاعر مخضرم ، أدرك النبي وأسلم.
(٤) هو عمرو بن شييم ، الشهير ب (القطامي) لقبا. ينظر : معاني القرآن للزجاج : ج ٤ ص ٢٨١.