(وَكَذلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ ؛) أي كذا حسّن له قبح عمله ، زيّن له الشيطان جهله ، ومن قرأ (زيّن) بفتح الزاي على أنّ المعاصي يدعو بعضها إلى بعض.
وقوله تعالى : (وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ ؛) أي صدّ غيره عن الهدى ، ويحتمل أنه صدّ عن السبيل بنفسه ، و (صُدَّ) بضم الصاد أي منع عن سبيل الحقّ ، (وَما كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبابٍ) (٣٧) ؛ أي في خسار وهلاك.
قوله تعالى : (وَقالَ الَّذِي آمَنَ يا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشادِ) (٣٨) ؛ أي قال الرجل المؤمن من آل فرعون : يا قوم اتّبعوني على ديني أحملكم على طريق السّداد والهدى ، (يا قَوْمِ إِنَّما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا مَتاعٌ ؛) أي مشقّة يسيرة تنقطع ، (وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دارُ الْقَرارِ) (٣٩) ؛ فلا تزول ؛ أي هي المحلّ الذي يقع فيه الاستقرار.
قوله : (مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً) ، يعني الشّرك ، (فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها ؛) فلا يجزى إلّا مثلها في العظم ، معنى النار ، (وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً ؛) أي طاعة ، (مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ ؛) مخلص ، قال ابن عبّاس : (يعني قول لا إله إلّا الله) (١)(فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ) (٤٠) ؛ أي بما لا يعرف له مقدار.
قوله تعالى : (وَيا قَوْمِ ما لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ) (٤١) ؛ أي قال لهم الرجل المؤمن : يا قوم ما لي أدعوكم إلى سبب النّجاة ، (تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللهِ) ، وتدعونني إلى عمل أهل النّار وهو الشّرك. وقوله تعالى : (وَأُشْرِكَ بِهِ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ ؛) أي من لا أعرف له ربوبيّته ، (وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ ؛) أي الغالب المنتقم ممن عصاه ، (الْغَفَّارِ) (٤٢) ؛ لمن تاب وآمن.
قوله تعالى : (لا جَرَمَ أَنَّما تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيا وَلا فِي الْآخِرَةِ ؛) يعني قوله (لا جَرَمَ) أي حقّا أنّ ما تدعونني إليه من المعبودين دون الله
__________________
(١) نقله القرطبي أيضا في الجامع لأحكام القرآن : ج ١٥ ص ٣١٧.