والأكنّة : جمع كنان ، مثل عنان وأعنّة. (وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ ؛) وبيننا وبينك حاجز وفرقة في الدّين فلا نوافقك على ما تقول ، (فَاعْمَلْ ؛) على أمرك ودينك ، (إِنَّنا عامِلُونَ) (٥) ؛ على أمرنا ومذهبنا.
قوله تعالى : (قُلْ ؛) يا محمّد : (إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ؛) أي كواحد منكم ولو لا الوحي ما دعوتكم. وقوله تعالى : (يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ ؛) لا شريك له ، (فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ ؛) أي لا تميلوا عن سبيله وتوجّهوا إليه إلى طاعته ، (وَاسْتَغْفِرُوهُ ؛) من الشّرك ووحّدوه.
قوله تعالى : (وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ) (٦) ؛ وويل لمن لا يقول لا إله إلّا الله ، (الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ) ، ولا يطهّرون أنفسهم من الشّرك بالتوحيد ، (وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ) (٧) ، وقال الحسن : (لا يقرّون بالزّكاة ، ولا يرون إيتاءها ولا يؤمنون بها) (١) ، قال الكلبيّ : (عابهم الله وقد كانوا يحجّون ويعتمرون) ، قال قتادة : (الزّكاة قنطرة الإسلام ، فمن قطعها نجا) (٢) أي فمن عبرها نجا ، ومن لم يعبرها هلك.
وفي هذه الآية دلالة على أنّ الكفار يعاقبون في الآخرة على ترك الشّرائع كما يعاقبون على ترك الإيمان ؛ لأن الله وعدهم على ذلك ، وقال في جواب أهل النار حين يقال لهم (ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ ، قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ، وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ)(٣).
قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) (٨) ؛ أي غير مقطوع ، من قولهم : مننت الحبل إذا قطعته ، وثواب المؤمن لا ينقطع. وقيل : لا يمنّ عليهم بذلك ؛ لأن المنّة تكدّر الصنيعة.
__________________
(١) نقله أيضا البغوي في معالم التنزيل : ص ١١٤٦.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٣٤٧٣).
(٣) المدثر / ٤٢ ـ ٤٤.