قوله تعالى : (قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ ؛) أي (قُلْ أَإِنَّكُمْ) يا أهل مكّة (لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ) في عظمها وقوّتها في يوم الأحد ويوم الاثنين ، (وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْداداً ؛) من الأصنام ؛ أي أضدادا (١) ، وقوله تعالى : (ذلِكَ رَبُّ الْعالَمِينَ) (٩) ؛ أي ذلك الذي هذه قدرته ربّ كلّ ذي روح وملكهم.
قوله تعالى : (وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها ؛) أي وخلق فيها جبالا ثوابت أوتادا لها في يوم الثّلاثاء ، (وَبارَكَ فِيها ؛) أي بارك في الأرض بالسّماء والشجر والنبات والثمار ، (وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ ؛) أي معايشها ، قدّر الله لكلّ حيوان ما يكفيه بحسب الحاجة ، وجعل في كلّ أرض معيشة ليست في غيرها لتعايشوا وتتّجروا.
وكان تقدير الأقوات في يوم الأربعاء ، فتمّ خلق الأرض بما فيها في أربعة أيّام ، ولو أراد الله أن يخلقها في لحظة واحدة لفعل وقدر ، ولكنه خلقها في ستّة أيام لأنه تعالى حليم ذو أناة ، أحبّ أن يعلّم الخلق الأناة في الأمور.
وقال الحسن : (معنى قوله (وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها) أي قسّم الأرض أرزاق العباد والبهائم) (٢) ، وقال الكلبيّ : (الخبز لأهل قطر ؛ والثّمر لأهل قطر ؛ والذرّة لأهل قطر ؛ والسّمك لأهل قطر ، جعل الله في كلّ بلدة ما لم يجعل في الأخرى ؛ ليعيش بعضهم من بعض بالتّجارة من موضع إلى موضع) (٣).
وقوله تعالى : (سَواءً لِلسَّائِلِينَ) (١٠) ؛ رفعه أبو جعفر على الابتداء ؛ أي هنّ سواء ، وخفضه الحسن ويعقوب نعت أربعة أيّام ، ونصبه الباقون على معنى : استوت سواء للسّائلين ، واستواء يعني على المصدر كما يقال : في أربعة أيّام تماما. ومعناه : من سأل عنه فهكذا الأمر.
__________________
(١) في المخطوط : (أغلالا).
(٢) نقله أيضا البغوي في معالم التنزيل : ص ١١٤٧ عن مقاتل والحسن.
(٣) نقله أيضا البغوي عن الكلبي في معالم التنزيل : ص ١١٤٧.