وقال السديّ : (سواء لا زيادة ولا نقصان جوابا لمن سأل في كم خلقت الأرض والأقوات ، فيقال : أربعة أيّام سواء) (١). و (لِلسَّائِلِينَ) ههنا هم اليهود ، سألوا النبيّ صلىاللهعليهوسلم عن مدّة خلق السّموات والأرض ، ويجوز قوله (سَواءً لِلسَّائِلِينَ) عائدا على تقدير الأقوات ، كأنه قال : لكلّ محتاج إلى القوت (٢).
قوله تعالى : (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ ؛) قال السديّ : (كان ذلك الدّخان من نفس الماء حين تنفّس ، وكان بخاره يذهب في الهواء ، فخلقت السّماء منه وفتقت سبعا في يوم الخميس والجمعة) (٣).
وقوله تعالى : (فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً ؛) أي ائتيا ما آمركما وافعلا ، كما يقال : ائت ما هو الأحسن ؛ أي افعله.
قال المفسّرون (٤) : إن الله تعالى قال : أما أنت يا سماء فأطلعي شمسك وقمرك ونجومك ، وأما أنت يا أرض فشقّقي أنهارك واخرجي ثمارك ونباتك ، وقال لهما : اعملا ما آمركما طوعا وإلّا ألجأتكما ذلك حتى تفعلاه كرها ، فأجابتا بالطّوع وهو قوله تعالى : (قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ) (١١) ؛ أي أتينا أمرك. ولمّا ركّب الله فيهنّ العقول ، وخطاب من يعقل جمعهن جمع من يعقل كما قال تعالى : (كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ)(٥) ولو جمعهن جمع من لا يعقل لقيل : طائعات.
ويقال في معناه : أتينا نحن من فينا طائعين ، وإنّما ذكر تارة بلفظ التّثنية وتارة بلفظ الجمع ؛ لأن السّموات والأرض شيئان من حيث الجنس بمنزلة الفئتين
__________________
(١) نقله أيضا البغوي في معالم التنزيل : ص ١١٤٧ عن قتادة والسدي.
(٢) في الجامع لأحكام القرآن : ج ١٥ ص ٣٤٣ ؛ قال القرطبي : (أو على تقدير : هذه سواء للسائلين. وقال أهل المعاني : (سَواءً لِلسَّائِلِينَ) ولغير السائلين ، أي خلق الأرض وما فيها لمن سأل ولمن لم يسأل ، ويعطي من سأل ومن لا يسأل).
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٣٤٩٩).
(٤) نقله الطبري عن ابن عباس في جامع البيان : الأثر (٢٣٤٩٧).
(٥) الأنبياء / ٣٣.