قوله تعالى : (أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً ؛) أي مضيئا لطلب المعاش ، قوله تعالى : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (٨٦) ؛ أي إن فيما ذكرنا من اختلاف الليل والنهار لدلالات للمؤمنين والكافرين ، ولكنه خص المؤمنين لأنهم هم الذين ينتفعون بالذكر.
قوله تعالى : (وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ ؛) قال ابن عباس : (يعني النفخة الأولى ؛ وهي نفخة الصعق) (فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ) ؛) أي ماتوا من شدة الخوف كقوله تعالى (فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ)(١) ، والمعنى : بلغ منهم الفزع إلى أن يموتوا.
وقوله : (إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ ؛) قال ابن عباس : (يريد الشهداءو هم أحياء عند ربهم يرزقون ،) وقال الكلبي ومقاتل : (يعني جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت). وقوله تعالى : (وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ) (٨٧) ؛ أي كل الخلائق يأتون إلى موضع الجزاء أذلاء صاغرين.
وأما النفخة الثانية فتسمى نفخة البعث ، وبينهما أربعون سنة. ويقال : ينفخ في الصور ثلاث نفخات ؛ الأولى : نفخة الفزع ، والثانية : نفخة الصعق وهو الموت ، والثالثة : نفخة القيام لرب العالمين.
وعن عبد الله بن عمر قال : جاء أعرابي إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فسأله عن الصور ، فقال : [هو قرن ينفخ فيه](٢). وقال مجاهد : (هو كهيئة البوق) (٣).
وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [لما فرغ الله من السماوات والأرض ، خلق الصور ، فأعطاه إسرافيل ، فهو واضعه على فيه شاخص يبصر نحو العرش ، ينظر متى يؤمر] قال : قلت يا رسول الله! وما الصور؟ قال : [هو قرن]
__________________
(١) الزمر / ٦٨.
(٢) رواه الإمام أحمد في المسند : ج ٢ ص ١٦٢. وأبو داود في السنن : كتاب السنة : الحديث (٤٧٤٢). والترمذي في الجامع : أبواب صفة القيامة الحديث (٢٤٣٠).
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٠٦٣٥).