قوله تعالى : (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً واحِدَةً ؛) أي لو شاء لجمعهم على دين الإسلام بأن يعرّفهم طريق الحقّ بالاضطرار ، ولكنّه لم يفعله ، أراد أن يعرضهم (١) للثواب والإلجاء يمنع من ذلك ، ومثل قوله تعالى (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى)(٢). وقوله تعالى : (وَلكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ ؛) أي في دين الإسلام ، (وَالظَّالِمُونَ ما لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ) (٨) ، يمنعهم ؛ أي والكافرون ما لهم من وليّ يدفع عنهم العذاب ولا نصير يمنعهم من «النار» (٣).
قوله تعالى : (أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ؛) بل اتّخذ الكفار من دون الله أربابا ، (فَاللهُ هُوَ الْوَلِيُّ ؛) قال ابن عبّاس : (وليّك يا محمّد ووليّ من اتّبعك) (٤)(وَهُوَ يُحْيِ الْمَوْتى ؛) يبعثهم للجزاء ، (وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ ؛) من الإحياء والإماتة ، (قَدِيرٌ) (٩).
قوله تعالى : (وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللهِ ؛) معناه : وما اختلفتم فيه من شيء من الدّين فردّوا حكمه إلى كتاب الله ، واعتمدوا الأدلّة دون التقليد والشبه كما قال الله تعالى : (فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ)(٥).
وقوله تعالى : (ذلِكُمُ اللهُ رَبِّي ؛) الذي ادعوكم إلى عبادته وهو الله ربي ، (عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ ؛) في كفاية مهمّاتي ، (وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) (١٠) ؛ أي أرجع في المعاد.
قوله تعالى : (فاطِرُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ؛) أي هو مبتدعهما ومدبرهما ، (جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً ؛) أي خلق لكم من مثل خلقكم
__________________
(١) في المخطوط : لعله (يعوضهم.
(٢) الانعام / ٣٥.
(٣) النار) سقطت من المخطوط.
(٤) نقله البغوي في معالم التنزيل : ص ١١٥٦.
(٥) النساء / ٥٩.