الطاعة والعقاب على المعصية ، (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ ؛) أكثر المشركين ، (لا يَعْلَمُونَ) (٣٩).
وقوله تعالى : (إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقاتُهُمْ أَجْمَعِينَ) (٤٠) ؛ معناه : إنّ يوم الفصل بين الخلائق ميعادهم أجمعين ، يوافي يوم القيامة الأوّلون والآخرون.
ثم نعت ذلك اليوم فقال تعالى : (يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً ؛) أي يوم لا ينفع فيه صديق صديقا ولا قريب قريبا ، (وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ) (٤١) ؛ أي ولا يمنعون من عذاب الله ، (إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللهُ ؛) وهم المؤمنون ، فإنه يشفع بعضهم لبعض ، قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [وإنّ الرّجل من أمّتي ليشفع لأكثر من ربيعة ومضر](١). (إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ ؛) في انتقامه من أعدائه ، (الرَّحِيمُ) (٤٢) ؛ بالمؤمنين.
قوله تعالى : (إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ (٤٣) طَعامُ الْأَثِيمِ) (٤٤) ؛ قد تقدّم تفسير شجرة الزقّوم ، والأثيم ذو الإثم وهو أبو جهل ، قال أهل اللغة : الأثيم كثير الإثم ، وعن ابن مسعود : (أنّه كان يلقّن رجلا : (إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعامُ الْأَثِيمِ) فكان الرّجل يقول : طعام اليتيم! فقال له : قل : طعام الفاجر) (٢). (كَالْمُهْلِ ؛) درديّ الزيت (٣) وعكر القطران ، وهو أسود غليظ. وقيل : المهل كلّ ما يمهل في النار من نحاس أو فضّة أو غير ذلك حتى يذوب وينماع يشتدّ حرّه.
وقوله تعالى : (يَغْلِي فِي الْبُطُونِ) (٤٥) ؛ أي في بطون الكفّار ، وقرئ (يَغْلِي) بالياء يعني الطعام ، واختاره أبو عبيد (٤) ؛ لأن المهل مذكّر ، وقرئ بالتاء يعني
__________________
(١) أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى : ج ٧ ص ٦٧ : ترجمة الحارث بن أقيش. وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير : الحديث (٣٣٦١). والحاكم في المستدرك : كتاب الإيمان : الحديث (٢٤٧) ، وقال : (الحارث بن أقيش مخرج حديثه في مسانيد الأئمة).
(٢) في الجامع لأحكام القرآن : ج ١٦ ص ١٤٩ ؛ قال القرطبي : (قال أبو بكر الأنباري : وذكر إسناده عن ابن مسعود).
(٣) ال (درديّ) الزيت وغيره : ما يبقى في أسفله. ينظر : مختار الصحاح : (درد) : ص ٢٠٢.
(٤) ذكره النحاس في إعراب القرآن : ج ٤ ص ٨٩.