ولذلك قال فرعون : ولا يكاد يبين. قوله تعالى : (فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً ؛) أي عونا ومصدّقا لي ، يقال : فلان ردء فلان ؛ إذا كان ينصره ويشدّ ظهره. وقرأ نافع (ردا) من غير همز طلبا للخفّة (١).
قوله تعالى : (يُصَدِّقُنِي ؛) قرأ عاصم وحمزة : (يُصَدِّقُنِي) بضمّ القاف ، وقرأ الباقون بالجزم على الجواب بالأمر ، ومن رفع كان صفة لنكرة ، جوابا للمسألة تقديره : ردءا مصدّقا لي ، والتصديق هارون في قول الجمع. وقال مقاتل : (لكي يصدقني فرعون) (٢) (إنى أخاف أن يكذبون) (٣٤).
قوله تعالى : (قالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ ؛) أي قال الله تعالى لموسى : سنعينك ونقوّيك وننصرك بأخيك ، وشدّ العضد كناية عن التقوية ، وقوله تعالى : (وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً) حجّة وبيّنة تدلّ على النبوّة ، (فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما) بقتل ولا سوء ولا أذى ، (بِآياتِنا أَنْتُما وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ) (٣٥) ؛ لمن خالفكما ، وقوله تعالى : (بِآياتِنا) موضعه التقديم ؛ والمعنى : ونجعل لكما سلطانا بآياتنا ؛ أي بما نعطيكما من المعجزات.
قوله تعالى : (فَلَمَّا جاءَهُمْ مُوسى بِآياتِنا بَيِّناتٍ ؛) يعني المعجزات فلم يقدروا على دفع تلك الآيات ، (قالُوا ما هذا إِلَّا سِحْرٌ مُفْتَرىً) ، إلّا أن قالوا هذا سحر مفترى ؛ أي مخترع من قبل نفسك ولم تبعث به ، (وَما سَمِعْنا بِهذا ؛) الذي تدعونا إليه ، (فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ) (٣٦).
قوله تعالى : (وَقالَ مُوسى رَبِّي أَعْلَمُ بِمَنْ جاءَ بِالْهُدى مِنْ عِنْدِهِ ؛) أي هو أعلم بالحقّ منّا وبمن يدعو إلى الضّلالة ؛ أي أنا الذي جئت بالهدى من عند الله. وقرأ ابن كثير : (قالَ مُوسى) بغير واو. قوله تعالى : (وَمَنْ تَكُونُ لَهُ عاقِبَةُ الدَّارِ ؛) أي هو أعلم بمن تكون له الجنّة ، (إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) (٣٧) ؛ أي لا يسعد من أشرك بالله.
__________________
(١) الحجة للقراءات السبعة : ج ٣ ص ٢٥٤.
(٢) قاله مقاتل في التفسير : ج ٢ ص ٤٩٦.