(وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ) أي سكّن روعك ، وضمّ الجناح هو السّكون ، ومنه قوله تعالى : (وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ)(١) يريد الرّفق ، وكذلك قوله تعالى : (وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)(٢) أي ارفق بهم ، وألن جناحك بهم. وقال الفرّاء (أراد بالجناح العصا) (٣). وقوله تعالى (مِنَ الرَّهْبِ) وقرئ (من الرّهب) أيضا وهما لغتان مثل الرّشد والرّشد ، ويقال : إنّ قوله (مِنَ الرَّهْبِ) متّصل بقوله (مِنَ الْآمِنِينَ)(٤).
قوله تعالى : (فَذانِكَ بُرْهانانِ مِنْ رَبِّكَ ؛) يعني اليد والعصا حجّتان من الله لموسى على صدقه ، والمعنى : هما حجّتان من ربك أرسلناك بهما (إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ ؛) أي أشراف قومه ، (إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ ؛) (٣٢) أي خارجين عن طاعة الله تعالى (٥) ، «وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بتشديد النون» (٦) وقرأ الباقون بالتخفيف. قال الزجّاج : (التّشديد تثنية ذلك ، والتّخفيف تثنية ذاك) (٧).
قوله تعالى : (قالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً ؛) يعني القبطيّ الذي قتله ، (فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ) (٣٣) ، (وَأَخِي هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً ؛) أي أبين منّي كلاما وأحسن بيانا ، وكان في لسان موسى عقدة من قبل الجمرة التي تناولها ،
__________________
(١) الاسراء / ٢٤.
(٢) الشعراء / ٢١٥.
(٣) قاله الفراء في معاني القرآن : ج ٢ ص ٣٠٦.
(٤) ينظر : الحجة للقراء السبعة : ج ٣ ص ٢٥٠.
(٥) أشار الناسخ إلى سقط ، ولكنه لم يكتبه في الهامش كعادته ، وكما هو واضح من سياق الكلام ، وكأنه يريد (وقرأ ابن كثير وابن عمرو (فذانّك) مشددة النون).
(٦) ليست في أصل المخطوط ، وأضفناها لضرورة سياق الكلام وإتمام الفكرة.
(٧) معاني القرآن وإعرابه : ج ٤ ص ١٠٨. وفي الجامع لأحكام القرآن : ج ١٧ ص ٢٨٥ ؛ قال القرطبي : (شدّد النون ع وضا عن الألف الساقطة في (ذانك) الذي هو تثنية (ذا) المرفوع ، وهو رفع بالابتداء ، وألف (ذا) محذوفة لدخول ألف التثنية عليها ، ولم يلتفت إلى التقاء الساكنين ؛ لأنه أصله (فَذانِكَ) محذوف الألف الأولى عوضا من النون الشديدة. وقيل : التشديد للتأكيد كما أدخلوا اللام في ذلك).