وقومه عهودا في محمّد صلىاللهعليهوسلم والإيمان به ، فلما تطاول عليهم العمر ، وخلقت القرون بعد القرون ، وتركوا الوفاء بها.
قوله تعالى : (وَما كُنْتَ ثاوِياً ؛) أي مقيما (فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ؛) كقيام موسى وشعيب فيهم ، (تَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِنا ؛) أي تذكّرهم بالوعد والوعيد. قال مقاتل : (والمعنى : لم تشهد أهل مدين فتقرأ على أهل مكّة خبرهم كخبر من شاهدهم) (١)(وَلكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ) (٤٥) ؛ أي أرسلناك إلى أهل مكّة ، وأنزل عليك هذه الأخبار ، ولو لا ذلك لما علمتها.
قوله تعالى : (وَما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا ؛) أي وما كنت يا محمّد بناحية الجبل الذي كلّم الله عليه موسى إذ نادينا موسى : إنّي أنا الله ، ويا موسى أقبل ولا تخف ، (وَلكِنْ ؛) أوحيناها إليك وقصصناها عليك ، (رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ ؛) لم يأتهم رسول يخوّف قبلك ، (لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) (٤٦) ؛ أي يتّعظون.
ومعنى (رَحْمَةً) أي رحمناك رحمة بإرسالك والوحي إليك. وقوله تعالى : (لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ) يعني أهل مكّة لعلّهم يتّعظون ، واسم الجبل الذي نودي عليه موسى جبل رسمه (٢). قرأ عيسى بن عمر : (ولكن رحمة) بالرفع على معنى : ولكن هي رحمة من ربك إذ أطلعك الله عليه.
قوله تعالى : (وَلَوْ لا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ؛) قال مقاتل : (معناه : ولو لا أن يصيبهم العذاب في الدّنيا بما قدّمت أيديهم من الكفر والمعاصي) (٣) يعني كفار مكّة ، (فَيَقُولُوا رَبَّنا لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً ؛) أي هلّا أرسلت إلينا رسولا ، (فَنَتَّبِعَ آياتِكَ) ، يعني القرآن ، (وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (٤٧).
__________________
(١) قاله مقاتل في التفسير : ج ٢ ص ٤٩٩.
(٢) هكذا رسمها الناسخ في المخطوط ، ولم أقف على معناه.
(٣) قاله مقاتل في التفسير : ج ٢ ص ٤٩٩.