والجنة في الآخرة فهو لاقيه ، وحال من متّعناه بعرض الدّنيا ، (ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ) (٦١) ؛ العذاب.
والمعنى : (أَفَمَنْ وَعَدْناهُ) على إيمانه وطاعته الجنة والثواب الجزيل (فَهُوَ لاقِيهِ) أي مدركه (كَمَنْ مَتَّعْناهُ) أي كمن هو ممتّع بشيء يفنى ويزول عن قريب (ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ) النار. قال قتادة : (يعني المؤمن والكافر ، فالمؤمن سمع كتاب الله وصدّقه وآمن بموعود الله فيه ، وليس كالكافر الّذي تمتّع بالدّنيا ثمّ هو يوم القيامة من المحضرين في عذاب الله) (١) ، قال مجاهد : (نزلت هذه الآية في عليّ وحمزة وأبي جهل) (٢) ، وقال السديّ : (نزلت في عمّار والوليد بن المغيرة) (٣).
قوله تعالى : (وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ ؛) أي ينادي الله المشركين يوم القيامة ، (فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) (٦٢) ؛ في الدّنيا أنّهم كانوا شركائي ، والمعنى : واذكر يوم ينادى الكفار وهو يوم القيامة فيقول أين شركائي في قولكم ، وليس لله شريك ، ولكن خرج هذا الكلام على ما كانوا يلفظون به ، فيقولون : هؤلاء شركاء الله.
قوله تعالى : (قالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ ؛) أي الذين حقّت عليهم كلمة العذاب أو وجب عليهم العذاب وهم الرّؤوس : (رَبَّنا هؤُلاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنا ؛) يعنّون سلفهم وأتباعهم ، (أَغْوَيْناهُمْ كَما غَوَيْنا ؛) أي أضللناهم كما ضللنا ، (تَبَرَّأْنا إِلَيْكَ ؛) منهم ، وقيل : تبرّأنا بحملنا إليك من الضّلال ، (ما كانُوا إِيَّانا يَعْبُدُونَ) (٦٣) ما كانوا يعبدوننا بإكراه من جهتنا ، وقيل : ما كانوا يعبدوننا بحجّة ولا استحقاق.
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٠٩٨٢). وابن أبي حاتم في التفسير الكبير : الأثر (١٧٠٣٠).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٠٩٨٦).
(٣) ذكره البغوي في معالم التنزيل : ص ٩٨٥.