(وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (٢٤١) كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٢٤٢) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ) (٢٤٣)
شامي وأبو عمرو وحمزة وحفص أي فليوصوا وصية ، عن الزجاج ، غيرهم بالرفع أي فعليهم وصية (مَتاعاً) نصب بالوصية لأنّها مصدر ، أو تقديره متعوهن متاعا (إِلَى الْحَوْلِ) صفة لمتاعا (غَيْرَ إِخْراجٍ) مصدر مؤكد كقولك هذا القول غير ما تقول ، أو بدل من متاعا والمعنى أنّ حقّ الذين يتوفون عن أزواجهم أن يوصوا قبل أن يحتضروا ، بأن تمتع أزواجهم بعدهم حولا كاملا ، أي ينفق عليهن من تركته ولا يخرجن من مساكنهنّ ، وكان ذلك مشروعا في أول الإسلام ، ثم نسخ بقوله تعالى : (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً) إلى قوله : (أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً) (١) والناسخ متقدم عليه تلاوة ومتأخر نزولا كقوله تعالى : (سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ) (٢) مع قوله تعالى : (قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ) (٣) (فَإِنْ خَرَجْنَ) بعد الحول (فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَ) من التزيّن والتعرّض للخطّاب (مِنْ مَعْرُوفٍ) مما ليس بمنكر شرعا (وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) فيما حكم.
٢٤١ ـ (وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ) أي نفقة العدة (بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا) نصب على المصدر (عَلَى الْمُتَّقِينَ).
٢٤٢ ـ (كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) هو في موضع الرفع لأنّه خبر لعلّ ، وإن أريد به المتعة فالمراد غير المطلقة المذكورة وهي على سبيل الندب.
٢٤٣ ـ (أَلَمْ تَرَ) تقرير لمن سمع بقصتهم من أهل الكتاب وأخبار الأولين وتعجيب من شأنهم ، ويجوز أن يخاطب به من لم ير ولم يسمع ، لأنّ هذا الكلام جرى مجرى المثل في معنى التعجيب (إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ) من قرية قيل
__________________
(١) البقرة ، ٢ / ٢٣٤.
(٢) البقرة ، ٢ / ١٤٢.
(٣) البقرة ، ٢ / ١٤٤.