(وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٤٤) مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً وَاللهُ يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (٢٤٥)
واسط (١) وقع فيهم الطاعون فخرجوا هاربين ، فأماتهم الله ثمّ أحياهم بدعاء حزقيل عليهالسلام ، وقيل هم قوم من بني إسرائيل دعاهم ملكهم إلى الجهاد فهربوا حذرا من الموت فأماتهم الله ثمانية أيام ثم أحياهم (وَهُمْ أُلُوفٌ) في موضع النصب على الحال وفيه دليل على الألوف الكثيرة لأنّها جمع كثرة وهي جمع ألف لا آلف (حَذَرَ الْمَوْتِ) مفعول له (فَقالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا) أي فأماتهم (٢) ، وإنّما جيء به على هذه العبارة للدلالة على أنّهم ماتوا ميتة رجل واحد بأمر الله ومشيئته ، وتلك ميتة خارجة عن العادة ، وفيه تشجيع للمسلمين على الجهاد وأنّ الموت إذا لم يكن منه بدّ ولم ينفع منه مفرّ فأولى أن يكون في سبيل الله (ثُمَّ أَحْياهُمْ) ليعتبروا ويعلموا أنّه لا مفرّ من حكم الله وقضائه ، وهو معطوف على فعل محذوف تقديره فماتوا ثم أحياهم ، أو لمّا كان معنى قوله فقال لهم الله موتوا فأماتهم كان عطفا عليه معنى (إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ) حيث يبصّرهم ما يعتبرون به كما بصّر أولئك وكما بصّركم باقتصاص خبرهم ، أو لذو فضل على النّاس حيث أحيا أولئك ليعتبروا فيفوزوا ولو شاء لتركهم موتى إلى يوم النشور (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ) ذلك.
والدليل على أنّه ساق هذه القصة بعثا على الجهاد ما أتبعه من الأمر بالقتال في سبيل الله وهو قوله :
٢٤٤ ـ (وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ) فحضّ (٣) على الجهاد بعد الإعلام لأنّ الفرار من الموت لا يغني ، وهذا الخطاب لأمة محمد عليهالسلام ، أو لمن أحياهم (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ سَمِيعٌ) يسمع ما يقوله المتخلّفون والسابقون (عَلِيمٌ) بما يضمرونه.
٢٤٥ ـ (مَنْ) استفهام في موضع رفع بالابتداء (ذَا) خبره (الَّذِي) نعت لذا أو بدل منه (يُقْرِضُ اللهَ) صلة الذي ، سمّى ما ينفق في سبيل الله قرضا لأنّ القرض ما يقبض ببدل مثله من بعد ، سمّي به لأنّ المقرض يقطعه من ماله فيجفعه (٤) إليه ،
__________________
(١) واسط : اسم لعدة مواضع منها : في نواحي بلخ ، وحلب ، وقرب بغداد ، وغربي الفرات ، ومن منازل بني قشير ، وفي الأندلس ، وبنواحي الموصل ، وفي اليمن وواسط الحجاج ، والله أعلم أي واسط هي المقصودة. وفي (ظ) قبل واسط.
(٢) في (ظ) و(ز) فأماتهم الله.
(٣) في (ظ) و(ز) فحرض.
(٤) في (ظ) و(ز) فيدفعه ، وهو معنى فيجفعه.