(يَمْحَقُ اللهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ وَاللهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (٢٧٦) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (٢٧٧)
بيقوم أي كما يقوم المصروع من جنونه ، والمعنى أنهم يقومون يوم القيامة مخبّلين كالمصروعين تلك سيماهم يعرفون بها عند أهل الموقف ، وقيل الذين يخرجون من الأجداث يوفضون (١) إلا أكلة الربا فإنهم ينهضون ويسقطون كالمصروعين لأنّهم أكلوا الربا فأرباه الله في بطونهم حتى أثقلهم فلا يقدرون على الإيفاض (ذلِكَ) العقاب (بِأَنَّهُمْ) بسبب أنّهم (قالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا) ولم يقل إنّما الرّبا مثل البيع مع أنّ الكلام في الرّبا لا في البيع لأنّه جيء به على طريقة المبالغة ، وهو أنّه قد بلغ من اعتقادهم في حلّ الربا أنّهم جعلوه أصلا وقانونا في الحلّ حتى شبّهوا به البيع (وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا) إنكار لتسويتهم بينهما إذ الحلّ مع الحرمة ضدان فأنّى يتماثلان ، ودلالة على أنّ القياس يهدمه النصّ لأنّه جعل الدليل على بطلان قياسهم إحلال الله وتحريمه (فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ) فمن بلغه وعظ من الله وزجر بالنهي عن الربا (فَانْتَهى) فتبع النهي وامتنع (فَلَهُ ما سَلَفَ) فلا يؤاخذ بما مضى منه ، لأنّه أخذ قبل نزول التحريم (وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ) يحكم في شأنه يوم القيامة ، وليس من أمره إليكم شيء فلا تطالبوه به (وَمَنْ عادَ) إلى استحلال الرّبا عن الزّجّاج ، أو إلى الرّبا مستحلّا (فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) لأنّهم بالاستحلال صاروا كافرين ، لأنّ من أحلّ ما حرّم الله عزوجل فهو كافر فلذا استحقّ الخلود ، وبهذا تبين أنّه لا تعلّق للمعتزلة بهذه الآية في تخليد الفسّاق.
٢٧٦ ـ (يَمْحَقُ اللهُ الرِّبا) يذهب ببركته ويهلك المال الذي يدخل فيه (وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ) ينمّيها ويزيدها ، أي يزيد المال الذي أخرجت منه الصدقة ويبارك فيه ، وفي الحديث : (ما نقصت زكاة من مال قط) (٢) (وَاللهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ) عظيم الكفر باستحلال الربا (أَثِيمٍ) متماد في الإثم بأكله.
٢٧٧ ـ (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) قيل المراد به الذين آمنوا بتحريم الرّبا.
__________________
(١) يوفضون : من وفض عدا وأسرع.
(٢) رواه أحمد عن أبي هريرة.