(قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهادُ (١٢) قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتا فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ وَأُخْرى كافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشاءُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ) (١٣)
أو منصوب المحلّ بلن تغني أي لن تغني عنهم مثل ما لم تغن عن أولئك ، كداب بلا همز حيث كان أبو عمرو (كَذَّبُوا بِآياتِنا) تفسير لدأبهم مما فعلوا وفعل (١) بهم على أنّه جواب سؤال مقدر عن حالهم ، ويجوز أن يكون حالا أي قد كذبوا (فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ) بسبب ذنوبهم ، يقال أخذته بكذا أي جازيته عليه (وَاللهُ شَدِيدُ الْعِقابِ) شديد عقابه ، فالإضافة (٢) غير محضة.
١٢ ـ (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا) هم مشركو مكة (سَتُغْلَبُونَ) يوم بدر (وَتُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ) من الجهنام وهي بئر عميقة ، وبالياء فيهما حمزة وعليّ (وَبِئْسَ الْمِهادُ) المستقرّ جهنّم.
١٣ ـ (قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ) الخطاب لمشركي قريش (فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتا) يوم بدر (فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ) وهم المؤمنون (وَأُخْرى) وفئة أخرى (كافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ) يرى المشركون المسلمين مثلي عدد المشركين ألفين ، أو مثلي عدد المسلمين ستمائة ونيفا وعشرين ، أراهم الله إياهم مع قلّتهم أضعافهم ليهابوهم ويجبنوا عن قتالهم ، ترونهم نافع أي ترون يا مشركي قريش المسلمين مثلي فئتكم الكافرة ، أو مثلي أنفسهم ، ولا يناقض هذا ما قال في سورة الأنفال : (وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ) (٣) لأنّهم قللوا أولا في أعينهم حتى اجترؤا عليهم ، فلمّا اجتمعوا كثّروا في أعينهم حتى غلبوا ، فكان التقليل والتكثير في حالتين مختلفتين ، ونظيره من المحمول على اختلاف الأحوال (فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌ) (٤) (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ) (٥) وتقليلهم تارة وتكثيرهم أخرى في أعينهم أبلغ في القدرة وإظهار الآية. ومثليهم نصب على الحال لأنّه من رؤية العين بدليل قوله : (رَأْيَ الْعَيْنِ) يعني رؤية ظاهرة مكشوفة لا لبس فيها (وَاللهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشاءُ) كما أيّد أهل بدر بتكثيرهم في عين (٦) العدو (إِنَّ فِي ذلِكَ) في تكثير القليل (لَعِبْرَةً) لعظة (لِأُولِي الْأَبْصارِ) لذوي البصائر.
__________________
(١) في (ز) أو فعل.
(٢) في (ظ) والإضافة.
(٣) الأنفال ، ٨ / ٤٤.
(٤) الرحمن ، ٥٥ / ٣٩.
(٥) الصافات ، ٣٧ / ٢٤.
(٦) في (ظ) و(ز) أعين.