(زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعامِ وَالْحَرْثِ ذلِكَ مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ (١٤) قُلْ أَأُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَأَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ وَاللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ) (١٥)
١٤ ـ (زُيِّنَ لِلنَّاسِ) المزيّن هو الله عند الجمهور للابتلاء كقوله : (إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها) (١) (لِنَبْلُوَهُمْ) (٢) دليله قراءة مجاهد زيّن للناس على تسمية الفاعل ، وعن الحسن : الشيطان (حُبُّ الشَّهَواتِ) الشهوة توقان النفس إلى الشيء ، جعل الأعيان التي ذكرها شهوات مبالغة في كونها مشتهاة (٣) كأنّه أراد تخسيسها بتسميتها شهوات ، إذ الشهوة مسترذلة عند الحكماء ، مذموم من اتبعها ، شاهد على نفسه بالبهيمية (مِنَ النِّساءِ) والإماء داخلة فيها (وَالْبَنِينَ) جمع ابن وقد يقع في غير هذا الموضع على الذكور والإناث ، وهنا أريد به الذكور فهم المشتهون في الطباع والمعدّون للدفاع (وَالْقَناطِيرِ) جمع قنطار وهو المال الكثير ، قيل ملاء (٤) مسك ثور ، أو مائة ألف دينار ، ولقد جاء الإسلام وبمكة مائة رجل قد قنطروا (الْمُقَنْطَرَةِ) المنضّدة أو المدفونة (مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ) سمّي ذهبا لسرعة ذهابه بالإنفاق ، وفضة لأنّها تتفرق بالإنفاق والفضّ التفريق (وَالْخَيْلِ) سمّيت به لاختيالها في مشيها (الْمُسَوَّمَةِ) المعلّمة من السّومة وهي العلامة ، أو المرعية من أسام الدابة وسوّمها (٥) (وَالْأَنْعامِ) هي الأزواج الثمانية (وَالْحَرْثِ) الزّرع (ذلِكَ) المذكور (مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا) يتمتع بها في الدنيا (وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ) المرجع ، ثم زهدهم في الدنيا فقال :
١٥ ـ (قُلْ أَأُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ) من الذي تقدّم (لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ) كلام مستأنف فيه دلالة على بيان ما هو خير من ذلكم ، فجنات مبتدأ ، وللذين اتقوا خبره (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) صفة لجنات ، ويجوز أن يتعلق اللام بخير ، واختصّ المتقين لأنهم هم المنتفعون به ، ويرتفع جنات على هو جنات ، وتنصره قراءة من قرأ جنات بالجرّ على البدل من خير (خالِدِينَ فِيها وَأَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ
__________________
(١) سقطت من (ز).
(٢) الكهف ، ١٨ / ٧.
(٣) زاد في (ز) أو.
(٤) في (ز) ملء.
(٥) أي إذا دعاها.