الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا إِنَّنا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَقِنا عَذابَ النَّارِ (١٦) الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ (١٧) شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (١٨)
(وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ) أي رضا الله (وَاللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ) عالم بأعمالهم فيجازيهم عليها ، أو بصير بالذين اتقوا وبأحوالهم فلذا أعدّ لهم الجنات.
١٦ ـ (الَّذِينَ يَقُولُونَ) نصب على المدح ، أو رفع ، أو جر ، صفة للمتقين ، أو للعباد (رَبَّنا إِنَّنا آمَنَّا) إجابة لدعوتك (فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا) إنجازا لوعدك (وَقِنا عَذابَ النَّارِ) بفضلك.
١٧ ـ (الصَّابِرِينَ) على الطاعات والمصائب ، وهو نصب على المدح (وَالصَّادِقِينَ) قولا بإخبار الحقّ وفعلا بإحكام العمل ، ونية بإمضاء العزم (وَالْقانِتِينَ) الدّاعين (١) أو المطيعين (وَالْمُنْفِقِينَ) المتصدّقين (وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ) المصلّين ، أو الطالبين المغفرة ، وخصّ الأسحار لأنّه وقت إجابة الدعاء ، ولأنّه وقت الخلوة. قال لقمان لابنه : يا بني لا يكن الديك أكيس منك ينادي بالأسحار وأنت نائم ، والواو المتوسطة بين الصفات للدلالة على كمالهم في كلّ واحدة منها ، وللإشعار بأنّ كلّ صفة مستقلة بالمدح.
١٨ ـ (شَهِدَ اللهُ) أي حكم أو قال (أَنَّهُ) أي بأنّه (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ) بما عاينوا من عظيم قدرته (وَأُولُوا الْعِلْمِ) أي الأنبياء والعلماء (قائِماً بِالْقِسْطِ) مقيما للعدل فيما يقسم من الأرزاق والآجال ، ويثيب ويعاقب وما يأمر به عباده من إنصاف بعضهم لبعض والعمل على السويّة فيما بينهم ، وانتصابه على أنّه حال مؤكدة من اسم الله تعالى أو من هو ، وإنّما جاز إفراده بنصب الحال دون المعطوفين عليه ، ولو قلت جاء زيد وعمرو راكبا لم يجز لعدم الإلباس ، فإنك لو قلت جاءني زيد وهند راكبا جاز لتميزه بالذكورة ، أو على المدح ، وكرر (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) للتأكيد (الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) رفع على الاستئناف ، أي هو العزيز وليس بوصف لهو ، لأنّ الضمير لا يوصف ، يعني أنّه العزيز الذي لا يغالب ، الحكيم الذي لا يعدل عن العدل (٢).
__________________
(١) في (ظ) و(ز) طالبين.
(٢) في (ز) عن الحق.