(لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ (٩٢) كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلاًّ لِبَنِي إِسْرائِيلَ إِلاَّ ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (٩٣)
الواو لتأكيد النفي (أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) مؤلم (وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ) معينين دافعين للعذاب.
٩٢ ـ (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ) لن تبلغوا حقيقة البرّ ولن (١) تكونوا أبرارا ، أو لن تنالوا برّ الله وهو ثوابه (حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) حتى تكون نفقتكم من أموالكم التي تحبونها وتؤثرونها ، وعن الحسن رحمهالله (٢) : كلّ من تصدّق ابتغاء وجه الله بما يحبه ولو تمرة فهو داخل في هذه الآية ، قال الواسطي (٣) : الوصول إلى البرّ بإنفاق بعض المحابّ وإلى الربّ بالتخلي عن الكونين ، وقال أبو بكر الورّاق (٤) : لن تنالوا برّي بكم إلا ببرّكم بإخوانكم ، والحاصل أنّه لا وصول إلى المطلوب إلا بإخراج المحبوب ، وعن عمر بن عبد العزيز أنه كان يشتري أعدال السكر ويتصدق بها ، فقيل له : لم لا تتصدق بثمنها؟ قال : لأنّ السكّر أحبّ إليّ فأردت أن أنفق مما أحب ، (وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ) أي هو عليم بكلّ شيء تنفقونه فمجازيكم (٥) بحسبه ، ومن الأولى للتبعيض لقراءة عبد الله حتى تنفقوا بعض ما تحبون ، والثانية للتبيين أي من أي شيء كان الإنفاق طيبا تحبونه أو خبيثا تكرهونه.
ولما قال (٦) اليهود للنبي عليهالسلام إنّك تدّعي أنّك على ملّة إبراهيم وأنت تأكل لحوم الإبل وألبانها ، فقال عليهالسلام : (كان ذلك حلالا لإبراهيم فنحن نحله) (٧) فقالت اليهود إنّها لم تزل محرمة في ملة إبراهيم ونوح عليهالسلام نزل تكذيبا لهم.
٩٣ ـ (كُلُّ الطَّعامِ) أي المطعومات التي فيها النزاع فإنّ منها ما هو حرام قبل
__________________
(١) في (ز) أو لن.
(٢) ليست في (ظ) و(ز).
(٣) الواسطي : هو محمد بن زيد بن علي بن الحسين الواسطي ، أبو عبد الله ، من كبار علماء الكلام ، معتزلي ، توفي عام ٣٠٧ ه وله مؤلفات (الأعلام ٦ / ١٣٢).
(٤) أبو بكر الوراق : هو محمد بن عمر الوراق البلخي ، أبو بكر ، له الكتب في المعاملات ، أسند عنه الحديث أبو بكر بن أحمد بن سعيد وأحمد بن مزاحم وغيلان السمرقندي ومحمد بن محمد بن حاتم وغيرهم (الحلية ١٠ / ٢٣٥).
(٥) في (ظ) و(ز) فيجازيكم.
(٦) في (ظ) و(ز) قالت.
(٧) ذكره البغوي والخازن وليس فيه : (فنحن نحله).