(فَمَنِ افْتَرى عَلَى اللهِ الْكَذِبَ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٩٤) قُلْ صَدَقَ اللهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (٩٥)
ذلك كالميتة والدّم (كانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرائِيلَ) أي حلالا ، وهو مصدر ، يقال حلّ الشيء حلّا ولذا استوى في وصفه (١) المذكر والمؤنث والواحد والجمع ، قال الله تعالى : (لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ) (٢) (إِلَّا ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ) أي يعقوب (عَلى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ) وبالتخفيف مكي وبصري ، وهو لحوم الإبل وألبانها وكانا أحبّ الطعام إليه ، بمعنى (٣) أنّ المطاعم كلّها لم تزل حلالا (٤) لبني إسرائيل من قبل إنزال التوراة سوى ما حرّم إسرائيل على نفسه ، فلما نزلت التوراة على موسى حرّم عليهم فيها لحوم الإبل وألبانها لتحريم إسرائيل ذلك على نفسه (قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) أمر بأن يحاجّهم بكتابهم ويبكّتهم بما هو ناطق به من أنّ تحريم ما حرّم عليهم تحريم حادث بسبب ظلمهم وبغيهم لا تحريم قديم كما يدّعونه فلم يجسروا (٥) على إخراج التوراة وبهتوا ، وفيه دليل بيّن على صدق النبي عليهالسلام وعلى جواز النّسخ الذي ينكرونه.
٩٤ ـ (فَمَنِ افْتَرى عَلَى اللهِ الْكَذِبَ) بزعمه أنّ ذلك كان محرما في ملّة إبراهيم ونوح عليهالسلام (مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) من بعد ما لزمهم من الحجّة القاطعة (٦) (فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) المكابرون الذين لا ينصفون من أنفسهم ولا يلتفتون إلى البينات.
٩٥ ـ (قُلْ صَدَقَ اللهُ) في إخباره أنّه لم يحرم ، وفيه تعريض لكذبهم (٧) أي ثبت أنّ الله تعالى صادق فيما أنزل وأنتم الكاذبون (فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْراهِيمَ) وهي ملّة الإسلام التي عليها محمد عليهالسلام ومن آمن معه ، حتى تتخلصوا من اليهودية التي ورطتكم في فساد دينكم ودنياكم ، حيث اضطرتكم إلى تحريف كتاب الله لتسوية أغراضكم ، وألزمتكم تحريم الطيبات التي أحلّها الله لإبراهيم ولمن تبعه (حَنِيفاً) حال من إبراهيم ، أي مائلا عن الأديان الباطلة (وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ).
ولما قالت اليهود للمسلمين قبلتنا قبل قبلتكم نزل :
__________________
(١) في (ز) في صفة.
(٢) الممتحنة ، ٦٠ / ١٠.
(٣) في (ظ) و(ز) والمعنى.
(٤) في (ظ) و(ز) حلّا.
(٥) في (ز) يجرؤا.
(٦) في (ظ) الناطقة.
(٧) في (ز) بكذبهم.