(لَقَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ سَنَكْتُبُ ما قالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ (١٨١) ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ) (١٨٢)
أقرع له نابان فيطوق في عنقه فينهشه ويدفعه إلى النار) (١) (وَلِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) وله ما فيهما مما يتوارثه أهلهما من مال وغيره ، فما لهم يبخلون عليه بملكه ولا ينفقونه في سبيل الله ، والأصل في ميراث موراث فقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) وبالياء مكي وأبو عمرو ، فالتاء على طريقة الالتفات ، وهو أبلغ في الوعيد ، والياء على الظاهر.
١٨١ ـ (لَقَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ) قال ذلك اليهود حين سمعوا قوله تعالى : (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً) (٢) وقالوا إنّ إله محمد يستقرض منّا فنحن إذا أغنياء وهو فقير ، ومعنى سماع الله له أنّه لم يخف عليه وأنّه أعدّ له كفاء من العقاب (سَنَكْتُبُ ما قالُوا) سنأمر الحفظة بكتابة ما قالوا في الصحائف ، أو سنحفظه إذ الكتاب من الخلق ليحفظ ما فيه ، فسمّى به مجازا ، وما مصدرية أو بمعنى الذي (وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍ) معطوف على ما ، جعل قتلهم الأنبياء قرينة له إيذانا بأنّهما في العظم أخوان ، وأنّ من قتل الأنبياء لم يستبعد منه الاجتراء على مثل هذا القول (وَنَقُولُ) لهم يوم القيامة (ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ) أي عذاب النّار كما أذقتم المسلمين الغصص ، قال الضحّاك : يقول لهم ذلك خزنة جهنم وإنّما أضيف إلى الله تعالى لأنّه بأمره ، كما في قوله سنكتب سيكتب ، وقتلهم ويقول حمزة.
١٨٢ ـ (ذلِكَ) إشارة إلى ما تقدّم من عقابهم (بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ) أي ذلك العذاب بما قدمتم من الكفر والمعاصي ، والإضافة إلى اليد لأنّ أكثر الأعمال يكون بالأيدي ، فجعل كلّ عمل كالواقع بالأيدي على سبيل التغليب ، ولأنّه يقال للآمر بالشيء فاعله ، فذكر الأيدي للتحقيق ، يعني أنّه فعل بنفسه (٣) لا غيره بأمره (وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) وبأنّ الله لا يظلم عباده فلا يعاقبهم بغير جرم.
__________________
(١) لم أجده.
(٢) البقرة ٢ / ٢٤٥. والحديد ، ٥٧ / ١١.
(٣) في (ز) نفسه.