وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ رِئاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطانُ لَهُ قَرِيناً فَساءَ قَرِيناً (٣٨) وَما ذا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللهُ وَكانَ اللهُ بِهِمْ عَلِيماً (٣٩) إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً) (٤٠)
(فَضْلِهِ) ويخفون ما أنعم الله عليهم به من المال وسعة الحال ، وفي الحديث : (إذا أنعم الله على عبده نعمة أحبّ أن يرى نعمته على عبده) (١) وبنى عامل للرشيد قصرا حذاء قصره فنمّ به فقال الرجل يا أمير المؤمنين إن الكريم يسرّه أن يرى أثر نعمته فأحببت أن أسرك بالنظر إلى آثار نعمتك فأعجبه كلامه ، قيل نزلت في شأن اليهود الذين كتموا صفة محمد عليهالسلام (وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً) أي يهانون به في الآخرة.
٣٨ ـ (وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ) معطوف على الذين (٢) أو على الكافرين (رِئاءَ النَّاسِ) مفعول له أي للفخار وليقال ما أجودهم لا ابتغاء (٣) وجه الله ، وهم المنافقون أو مشركو مكة (وَلا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطانُ لَهُ قَرِيناً فَساءَ قَرِيناً) حيث حملهم على البخل والرياء وكلّ شر ، ويجوز أن يكون وعيدا لهم لأنّ (٤) الشيطان يقرن بهم في النار.
٣٩ ـ (وَما ذا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللهُ) وأي تبعة ووبال عليهم في الإيمان والإنفاق في سبيل الله ، والمراد الذمّ والتوبيخ وإلّا فكلّ منفعة ومفلحة (٥) في ذلك ، وهذا كما يقال للعاقّ ما ضرك لو كنت بارا وقد علم أنّه لا مضرّة في البر ولكنّه ذمّ وتوبيخ (وَكانَ اللهُ بِهِمْ عَلِيماً) وعيد.
٤٠ ـ (إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ) هي النملة الصغيرة. وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنّه أدخل يده في التراب ، فرفعه ، ثم نفخ فيه ، فقال : كلّ واحدة من هؤلاء ذرة. وقيل كلّ جزء من أجزاء الهباء في الكوة ذرة (وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً) وإن تك مثقال الذرة حسنة ، وإنما أنّث ضمير المثقال لكونه مضافا إلى مؤنث. حسنة حجازي على كان التامة ، وحذفت النون من تكن تخفيفا لكثرة الاستعمال (يُضاعِفْها) يضاعف ثوابها. يضعّفها مكي وشامي (وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً) ويعط صاحبها من عنده
__________________
(١) أخرجه ابن حبان والحاكم.
(٢) في (ز) الذين يبخلون.
(٣) في (ز) لا لابتغاء.
(٤) في (ز) بأن.
(٥) في (ظ) و(ز) مصلحة.