(فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً (٤١) يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً (٤٢) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلاَّ عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللهَ كانَ عَفُوًّا غَفُوراً) (٤٣)
ثوابا عظيما ، وما وصفه الله بالعظم فمن يعرف مقداره مع أنّه سمّى متاع الدنيا قليلا؟ وفيه إبطال قول المعتزلة في تخليد مرتكب الكبيرة مع أنّ له حسنات كثيرة.
٤١ ـ (فَكَيْفَ) يصنع هؤلاء الكفرة من اليهود وغيرهم (إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ) يشهد عليهم بما فعلوا ، وهو نبيهم (وَجِئْنا بِكَ) يا محمد (عَلى هؤُلاءِ) أي أمتك (شَهِيداً) حال ، أي شاهدا على من آمن بالإيمان ، وعلى من كفر بالكفر ، وعلى من نافق بالنفاق. وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قرأ سورة النساء على رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى بلغ قوله : وجئنا بك على هؤلاء شهيدا. فبكى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقال : حسبنا (١).
٤٢ ـ (يَوْمَئِذٍ) ظرف لقوله (يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا) بالله (وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ) لو يدفنون فتسوى بهم الأرض كما تسوى بالموتى ، أو يودون أنّهم لم يبعثوا وأنّهم كانوا والأرض سواء ، أو تصير البهائم ترابا فيودّون حالها. تسوى بفتح التاء وتخفيف السين والإمالة وحذف إحدى التاءين من تتسوى حمزة وعلي. تسّوّي بإدغام التاء في السين مدني وشامي (وَلا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً) مستأنف ، أي ولا يقدرون على كتمانه لأنّ جوارحهم تشهد عليهم.
ولما صنع عبد الرحمن بن عوف طعاما وشرابا ودعا نفرا من الصحابة رضي الله عنهم حين كانت الخمر مباحة فأكلوا وشربوا ، فقدموا أحدهم ليصلي بهم المغرب ، فقرأ أعبد (٢) ما تعبدون وأنتم عابدون ما أعبد ، نزل (٣) :
٤٣ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى) أي لا تقربوها في
__________________
(١) متفق عليه من رواية عبيدة السلماني عنه.
(٢) في (ز) فقرأ كل يا أيها الكافرون اعبد.
(٣) أصحاب السنن الثلاثة وأحمد وعبد بن حميد والبزار والحاكم والطبري.