(الَّذِينَ آمَنُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقاتِلُوا أَوْلِياءَ الشَّيْطانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً (٧٦) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْ لا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً) (٧٧)
الولاية والنّصرة كما أرادوا. قال ابن عباس رضي الله عنهما كان ينصر الضعيف من القوي حتى كانوا أعزّ بها من الظّلمة.
ثم رغب الله المؤمنين بأنهم يقاتلون في سبيل الله فهو وليهم وناصرهم ، وأعداؤهم يقاتلون في سبيل الشيطان فلا ولي لهم إلا الشيطان بقوله :
٧٦ ـ (الَّذِينَ آمَنُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ) أي الشيطان (فَقاتِلُوا أَوْلِياءَ الشَّيْطانِ) أي الكفار (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ) أي وساوسه ، وقيل الكيد السعي في فساد الحال على جهة الاحتيال (كانَ ضَعِيفاً) لأنّه غرور لا يؤول إلى محصول ، أو كيده في مقابلة نصر الله ضعيف.
كان المسلمون مكفوفين عن القتال مع الكفار ما داموا بمكة ، وكانوا يتمنون أن يؤذن لهم فيه فنزل :
٧٧ ـ (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ) أي عن القتال (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ) أي فرض بالمدينة (إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللهِ) يخافون أن يقاتلهم الكفار كما يخافون أن ينزّل الله عليهم بأسه لا شكّا في الدين ولا رغبة عنه ولكن نفورا عن الإخطار بالأرواح وخوفا من الموت. قال الشيخ أبو منصور رحمهالله : هذه خشية طبع لا أنّ ذلك منهم كراهة لحكم الله وأمره اعتقادا ، فالمرء مجبول على كراهة ما فيه خوف هلاكه غالبا ، وخشية الله من إضافة المصدر إلى المفعول ومحلّه النصب على الحال من الضمير في يخشون ، أي يخشون الناس مثل خشية أهل الله ، أي مشبهين لأهل خشية الله (أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً) هو معطوف على الحال ، أي أو أشدّ خشية من أهل خشية الله ، وأو للتخيير أي إن قلت خشيتهم الناس كخشية الله فأنت مصيب ، وإن قلت إنّها أشدّ فأنت مصيب لأنّه حصل لهم مثلها وزيادة (وَقالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْ لا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ) هلا أمهلتنا إلى الموت فنموت على الفرش ، وهو سؤال عن وجه الحكمة في فرض القتال عليهم لا